مدرس اون لايندخول

النصوص والقراءة المنهج الجديد للصف الثانى 2015 ترم ثان

الوحدة الأولى                                       الحب والسلام
الدرس الأول
السلام
قصة الحروب منذ نشأة الخليفة إنما هى قصة سلطان متغطرس , أو مجنون يريد أن يشبع غروره وكبرياءه على حساب دماء الناس وأرواحهم , ولكنه الطموح الإجرامى الذى لا يقف عند حد .

سأل أحد الفلاسفة الإسكندر الأكبر ملك مقدونيا : بعد فتح أثينا ماذا تنوى أن تفعل ؟
* أغزو فارس .
* وبعد فارس ؟
* أغزو مصر .
* وبعد مصر ؟
* أغزو العالم .
* وبعد العالم ؟
* أستريح وأستمتع .
فسأله الفيلسوف :
وماذا يمنعك أن تستريح وتستمتع الآن ؟
ولكن الإسكندر لم يسترح ولم يستمتع , فلا فى الوقت الحاضر , ولا فى أى وقت من الأوقات , فقد دهمته الحمى وهو محموم بمطالعه فى غزو العالم , فمات فى بابل دون أن يحقق شيئاً لنفسه ولا لأمته . فما أٍوأ الطمع ! وما أفدح ثمن الغرور !
وليس معنى هذا أننا دعاة استسلام , أو دعاة تهدئة كما يقولون حين يشيرون – تأدباً – إلى دعاة الهزيمة : حاشا لنا ذلك , وإنما نحن لا نؤمن بالحرب التى لا تحقق غير الدمار , وسفك الدماء , وإهدار الموارد والكرامة الإنسانية , إشباعاً لهوايات مجنونة عند بعض الحكام والزعماء .
وإننا إذ ندين هذا الفريق من الحكام أو الزعماء نشعر بالإكبار الحق لموت الإنسان دفاعاً عما يؤمن به من قيم ومبادىء . فما أنبل هؤلاء البشر !
ولقد روى التاريخ آلاف الأمثلة على ذلك , فقد تجرع سقراط كأس السم , وقبلت جان دارك أن تحرق , وأقدم على الموت فى فروسية وبسألة ملايين من البشر العاديين خلال الحروب التى استمرت عدة قرون , فأعظم بتلك الأمثلة الرفيعة النبيلة .
وهذه الحروب فى مجموعها قد تمثل إقبال الإنسان على الانتحار , لكنها كانت تنطوى أيضاً على شىء من البطولة , شىء من النبل , شىء يكاد يرفع الرجل العادى منا إلى أعلى الدرجات .
إن أعظم حب ينطوى عليه قلب الإنسان أن يضحى بالروح من أجل صحبه ووطنه , فهذه المشاهد من قصة الإنسان تبعث فينا المهابة والتوقير والعجب والرثاء ! ولكننا إذا استطعنا اجتناب خطر الحرب التى تهدد البشر , ذلك الخطر المفجع , فإن الأجيال التى ستحيا فى عالم تحرر من الحرب ستنظر فى قابل القرون إلى النصب التذكارية لقتلى الحروب الكبرى فى التاريخ بشعور يختلط فيه الكبرياء بالحزن , والإعجاب بالرثاء , ولسوف تذكرها إذا أمسى المساء وأصبح الصباح !
إننا نحب النهار لكننا لا نخشى الليل ونحب السلام ولا نخشى الحرب وعلينا أن نسهم بكل جهدنا فى أن تستخدم الطاقات التى أودعها الله الكائنات استخداماً يعود بالخير على الإنسانية لا بالدمار

وهناك أمر يجب أن نأخذه مأخذ اليقين هو أنه إذا قام نزاع فى العالم فلن يكون أمام أى جانب من الجانبين المتنازعين فرصة للنصر . بالمعنى الذى يفهم من هذه الكلمة , فالحرب العلمية إذا أطلق لها العنان فأغلب الظن أنها لن تدع أحاً على قيد الحياة , فليس أمام النوع البشرى إلا أن يختار واحداً من اثنين .
إما السلم عن طريق الاتفاق أو السلم عن طريق الموت الشامل ! لإألمسلم والمسيحى واليهودى سواء فى إيثارهم للحياة على الموت . لهذا فإن الخطر الذى يهدد بفناء الجنس البشرى وموت كل حيوان يحيا على الأرض – يجب أ، تتصدى له البشرية بشجاعة .
الدرس الثانى
حب ووفاء
أزين نساء العالمين أجيبى                                       دعاء مشوق بالعراق غريب
كتبت كتابى ما أقيم حروفه                                       لشدة إعوالى وطول نحيبى
أخط وأمحو ما خططت بعبرة                                    تسح على القرطاس سح غروب
أيا فوز لو أبصرتنى ما عرفتنى                                لطول شجونى بعدكم وشحوبى
وأنت من الدنيا نصيبى فإن أمت                               فليتك من حور الجنان نصيبى
سأفحظ ما قد كان بينى وبينكم                                 وأرعاكم فى مشهدى ومغيبى
فإن يك حال الناس بينى وبينكم                                فإن الهوى والود غير مشوب
فلا ضحك الواشون يافوز بعدكم                              ولا جمدت عين جرت بسكوت
وإنى لاستهدى الرياح سلامكم                                إذا أقبلت من نحوكم بهبوب
فأسألها حمل السلام إليكم                                     فإن هى يوماً بلغت فأجيبى
أرى البين يشكوه المحبون كلهم                             فيارب قرب دار كل حبيب

تحليل النص
أولاً : بيئة النص :
فى كل عصر من العصور نرى الشعراء يتفننون فى التعبير عن علاقتهم بالمرأة , ولقد كان العصر العباسى من العصور التى ازدهر فيها فن الغزل بنوعية العفيف والصريح , نظراً للانفتاح الثقافى الذى شهده ذلك العصر على الأمم الأخرى , وكان الشعر وسيلة الشعراء للتعبير عن مشاعرهم تجاه المرأة كما فى هذه الأبيات .
ثانياً : الشرح :
( 1 – 3 ) امتلأ قلب الشاعر حباً لحبيبته " فوز " , ولم يعد يتحمل عذاب الاشتياق لها , فيناديها ويستعطفها أن تلبى نداءه وتستجيب لأشواقه , فلقد برح به الشوق وأضناه الهجر , حتى إنه لا يتوقف عن البكاء والعويل , وكلماهم بالكتابة إليها نزلت دموعه فمحت ما كتب .
( 4 – 6 ) ويتوجه الشاعر بالنداء إلى محبوته مرة أخرى مستعطفاً إياها بالحديث عن نحوله وضعفه , ويعبر الشاعر فى الأبيات عن إخلاصه فى حبه لها , فهى نصيبه من الدنيا , ويتمنى لو كانت نصيبه فى الآخرة , كما يؤكد وفاءه لها ولذكراها فى الحضور والغياب .
(7 – 8 ) ويستمر الشاعر فى تأكيد عمق العلاقة بينه وبين محبوبته , وأن الواشين لن يفسدوا ما بينهما , فحبه لها لن يتأثر بفعل هؤلاء الوشاة , ثم يدعو الشاعر على الواشين بالحزن , وطول البكاء .
( 9 – 11 ) يتطلع الشاعر إلى الرياح التى تهب من قبل المحبوبة ليطلب منها أن تهدى سلامة إليها فإن فعلت فعلى المحبوبة أن ترد على التحية بمثلها , ويختتم الشاعر أبياته ببيان حال المحبين وأنهم جميعاً يشكون الفراق والبعاد , فيدعو لهم بالتلاقى والوصال وأن يجمع الله شملهم .
رابعاً : من جماليات النص :

أ- الموسيقى : تجلت الموسيقى فى هذا النص فى الوزن والقافية الموحدة والتصريع , وهذه هى الموسيقى الخارجية , أما الموسيقى الداخلية فهى فى حسن اختيار اللفظ , وجودة الصياغة , وترابط الفكر وتسلسلها وروعة التصوير .
ب- الطباق : تأمل الأبيات , ثم حدد الكلمات التى بينها تضاد مثل : ( أخط – أمحو ) , ( مشهدى – مغيبى ) , ( جمدت – جرت ) , ( بلغت – أجيبى ) وتوصل إلى أن بين هذه الكلمات طباق إيجاب وهو يؤكد المعنى ويوضحه .
ج- الأساليب : لاحظ الأساليب فى النص تجد أنها تنوعت بين الأساليب الخبرية والإنشائية , ومن الأساليب الإنشائية : أسلوب النداء فى قوله : ( أزين – يافوز ) والأمر فى (أجيبى – قرب)

د- الخيال والتصوير : تأمل النص مرة أخرى , تجد بعض التعبيرات المجازية مثل : ( أقيم حروفه ) استعارة مكنية , حيث صور الحروف ببناء يقيمه , وفى قوله : ( أستهدى الرياح سلامكم ) استعارة مكنية أيضاً . صور الرياح بإنسان ينقل ( رسالة ) السلام إلى آخر , وسر جمالها التشخيص .
خامساً : سمات أسلوب الشاعر فى النص :
* كان للعباس مذهب حسن فى الشعر , فقد اقتصر فى شعره على العزل العفيف , لم يتجاوز إلى مدح أو هجاء , وامتاز شعره بما يلى :
* صدق العاطفة .
* سهولة اللفظ وعذوبته .
* عمق المعانى ولطفها .
* الاعتماد على البديع أحياناً .
* تنوع الأساليب واستخدام أسلوب التوكيد كثيراً .

سادساً : عناصر البناء الفنى فى النص :
ينتمى النص إلى غرض الغزل العفيف الذى يعتمد على تدفق العاطفة وصدقها , كما أنه يصف أخلاق المرأة وعفتها دون مفاتنها .

بنية النص


مقدمة
غزل أساليب الفاظ عاطفة تراكيب معان صور محسنات موسيقى
سابعاً : لمحة أدبية ( الغزل فى العصر العباسى ) :

ينتمى هذا النص إلى العصر العباسى , ذلك العصر الذى ازدهر فيه الأدب , شعراً ونثراً , وازدهر كل علم عرفه العرب . وفى ذلك العصر كثر الغزل كثرة مفرطة , فقد تغنى به كثير من الشعراء فازدهر , وانتشر .
ومضى الغزل يجرى فى نفس التيارين اللذين اندفع فيهما منذ عصر بنى أمية وهما تيار الغزل الصريح والغزل العفيف , وانتشر الصريح أكثر من العفيف بسبب اختلاط العرب بالأمم الأخرى , وما شارع من صور التحلل الخلقى , وقد برع فيه أبو نواس , ومطيع بن إياس . وكان غزلهما محركاً للغرائز , ولا تعفف فيه ولا حياء . وبجاني هذا التيار يجرى تيار الغزل العفيف , ولكنه لا يبارى الصريح , فالشاعر العفيف يتغنى بمحبوبته فى شعر عذب لا يخدش حياء , وضعف هذا التيار فى العصر العباسى , وبقيت منه بقية عند العباس وهذه القصيدة دالة على توجه العباس إلى الغزل الباكى , فهو يبكى محبوبته فوز التى هام بها .
إن هذا النص صورة من صور التسامح التى انتشرت فى ذلك العصر الذى تحقق فيه الحب والسلام والتجانس والتواصل بين العرب والأجناس الأخرى .

الدرس الثالث ضروب الحب
النص

" الحب – أعزك الله – دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف , فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة , وليس بمنكر فى الديانة , ولا بمحظور فى الشريعة , وقد اختلف الناس فى ماهيته وقالوا وأطالوا , والذى أذهب إليه أنه اتصال بين أجزاء النفوس المقسومة فى هذه الخليقة فى أصل عنصرها الرفيع , فالمثل إلى مثله ساكن , وللمجانسة عمل محسوس , وتأثير مشاهد , والتنافر فى الأضداد , والموافقة فى الأنداد . والله – عز وجل – يقول :
" هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها "
الأعراف : 189
ولو كان علة الحب حسن الصورة الجسدية لوجب ألا يستحسن الأنقص من الصورة , ونحن نجد كثيراً ممن ؤثر الأدنى ويعلم فضل غيره , ولا يجد محيداً لقلبه عنه . ولو كان للموافقة فى الأخلاق لما أحب المرء من لا يساعده ولا يوافقه , فعلمنا أنه شىء فى ذات النفس , وربما كانت المحبة سبباً من الأسباب . وتلك تفنى بفناء سببها , فمن ودك لأمر ولى مع انقضائه .
إن للمحبة ضروباً : أفضلها محبة المتحابين فى الله عز وجل , ومحبة القرابة , ومحبة الألفة والاشتراك فى المطالب , ومحبة التصاحب والمعرفة , ومحبة البر يضعه المرء عند أخيه , ومحبة الطمع فى جاه المحبوب , ومحبة المتحابين لسر يجتمعان عليه يلزمهما ستره , ومحبة العشق التى لا علة لها إلا ما ذكر من اتصال النفوس " .
تحليل النص
أولاً : بيئة النص :
ينتمى هذا النص إلى الأدب الأندلسى . والبيئة الأندلسية اتسمت بجمال الطبيعية , الذى دفع الشعراء إلى الحديث عن الحب . ويندرج هذا النص ضمن الأدب الاجتماعى الذى يتناول قضية اجتماعية هى الحب والعلاقة بين المحب والمحبوب وماهية هذا الحب .
ثانياً : الشرح :
لقد غمضت معانى الحب وخفيت إلا على الحكماء لعظمته , فلم يصفه واصف ولم يصل إلى حقيقته إلا بعد مشقة , فليس الحب قبيحاً ولا ممنوعاً فى الشرع , وقد اختلفت الآراء فى حقيقته أو ماهيته , وأطالوا فيه القول , ويذهب ابن حزم إلى أن الحب اتصال بين النفوس التى قسم الله لها أن تحب , فالمثل إل مثله يسكن , والتجانس بين البشر أمر محسوس ومشاهد للعيان , كما أن التخاصم يكون بين الأعداء , والتوافق يكون بين النظراء . فالله تعالى هو الذى خلق الإنسان من نفس واحدة وجعل السكينة بين كل زوجين يقترن أحدهما بالآخر , ولو كان سبب الحب حسن الشكل والهيئة الجسمية لوجب ألا يستحسن الأقل هيئة , فكثير من الناس يفضل الأقل هيئة , ولا يجد لقلبه مفراً من حبه .

ولو كان هذا الحب للتوافق فى الأخلاق لما أحب الإنسان من لا يساعده ولا يتوافق معه فى خلقه , وذلك شىء جبلت عليه النفس . وقد تكون المحبة لسبب ما وتنتهى بانتهاء ذلك السبب .

فاعلم أن من تودد إليك لأمر يريده منك فإنه ينصرف عنك مع انقضاء ذلك الأمر .

إن للمحبة أنواعاً متعددة , أحسنها محبة المتحابين فى الله – عز وجل – تليها المحبة بين الأقارب , ثم محبة التآلف والاجتماع على مطلب واحد , ثم محبة التصاحب والتعارف , ثم محبة الخير الذى يقوم به الإنسان تجاه إخوته , كما أن ثمة محبة أخرى هى محبة الطمع فى جاه المحبوب , ومحبة المتحابين من بنى الإنسان لما يجمتعان عليه من سر يلزم إخفاؤه . وأخيراً محبة العشق ولا سبب لها إلا ما تقدم ذكره من اتصال النفوس وتلاقيها وتآلفها .

رابعاً : من جماليات النص :

أ- الموسيقى : تأمل قول الكاتب : " التنافر فى الأضداد , والموافقة فى الأنداد " ولاحظ اتفاق الكلمات فى نهاية الجمل تجد أنها أحدثت جرساً موسيقياً تطرب له الأذن .

ب- التضاد : تأمل كلمات النص وجمله وحدد الكلمات التى بينها تضاد مثل : (التنافر , الموافقة) وتوصل إلى أن التضاد يؤكد المعنى ويوضحه .

ج- الأساليب : تأمل قول الكاتب " فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة " تجد أسلوب " قصر " للتوكيد وسيلته النفى والاستثناء . وقوله : " قد اختلف الناس فى ماهيته " أسلوب توكيد وأداته " قد " التى دخلت على الماضى .

خامساً : سمات أسلوب الكاتب :

تميز أسلوب ابن حزم بما يلى :
* سهولة الألفاظ ودقتها .
* وضوح المعانى وعمقها .
* وضوح النزعة الفلسفية .
* الاستشهاد بالقرآن الكريم .
* قلة المحسنات والصور والأساليب الإنشائية وغلبة الأسلوب الخبرى .
ملامح شخصية الكاتب :

* واسع الثقافة .
* عميق الفكر .
* جرى فى تناول هذا الموضوع الاجتماعى .    
سادساً : لمحة أدبية :
" مقدمة عن الأدب الأندلسى "
تبدو الأندلس من الناحية الجغرافية وكأنها وحدة متجانسة وقد كان لطبيعة الأندلس الجغرافية واضح فى شخصيتها السياسية .
وبجانب ذلك نجد للأندلس العربية شخصية اجتماعية تميزها عن شخصية المشرق , ويبدو ذلك فى جانبين , أولهما : كثرة الغناء والطبيعة الجميلة مما أدى إلى ظهور الموشحات التى تيمز بها الأدب الأندلسى عن الأدب فى المشرق , وثانيهما : مساهمة المرأة فى الحياة الأدبية , وكان فى مقمة نساء الأندلس ولادة بنت المستكفى التى عرفت بمساجلاتها الأدبية مع الشاعر ابن زيدون , ولا يعنى هذا انفصال الأندلس انفصالاً تاماً عن المشرق فى حياتها الاجتماعية .

أما شخصية الأندلس العلمية , فقد اعتمد الأندلسيون على ما يأتيهم من المشرق , فقد كانت الكثرة من أهل الأندلس فى القرون الأولى للفتح العربى يتكلمون اللاتينية , ومع مقدم القرن الرابع هجروا اللاتينية , واتخذوا العربية مكانها فى طقوسهم الدينية .

النثر الأندلسى :

بدأ الأدب الأندلسى فى مراحله الأولى مقلداً الأدب العربى فى المشرق , وكأنه يتجه نحو الأدب الأم , ومن أجل ذلك لا نجد فروقاً جوهرية بين نماذجه فى العراق والشام ومصر , وحتى الأندلس . على أنه ينبغى أن تلاحظ ظاهرتين تتصلان بالنثر الأندلسى .

الظاهرة الأولى : لم يظهر كاتب كبير فى الأندلس قبل القرن الرابع , لأن شخصية الأندلس لم تتكامل إلا فى ذلك القرن , ولم يستطع الكتاب قبل ذلك أن يرتفعوا بنثرهم إلى درجة تجعلهم فى صفوف كتاب العباسيين .

أما الظاهرة الثانية : فهى أن الأندلسيين لم يستحدثوا لنفسهم مذهباً جديداً فى النثر يمكن إضافته إلى مذاهب النثر الأخرى وتوقفوا عند المحاكاة .
الوحدة الثانية                                       الحب والسلام

الدرس الأول

اللغة والهوية
إن اللغة هى صورة وجود الأمة بأفكارها ومعانيها وحقائق نفوسها وجوداً متميزاً قائماً بخصائصه , فه قومية الفكر , تتحد بها الأمة فى صور التفكير وأساليب أخذ المعنى من المادة , والدقة فى تركيب اللغة دليل على دقة الملكات فى أهلها , وعمقها هو عمق الروح ودليل الحس على ميل الأمة إلى التفكير والبحث فى الأسباب والعلل , وكثرة مشتقاتها برهان على نزعة الحرية وطموحها , فإن روح الاستعباد ضيق لا يتسع , ودأبه لزوم الكلمة والكيمات القليلة .

وإذا كانت اللغة بهذه المنزلة , وكانت أمتها حريصة عليها , ناهضة بها , متسعة فيها , مكبرة شأنها , فما يأتى ذلك إلا من كون شعبها سيد أمره , ومحقق وجوده , ومستعمل قوته , والآخذ بحقه , فأما إذا كان منه التراخى والإهمال وترك اللغة للطبيعة السوقية , وإصغار أمرها , وتهوين خطرها , وإيثار غيرها بالحب والإكبار , فهذا شعب خادم لا مخدوم , تابع لا متبوع , ضعيف عن تكاليف السيادة , لا يطيق أن يحمل عظمة ميراثه , مجتزىء ببعض حقه , مكتف بضرورات العيش , يوضع لحكمه القانون الذى أكثره للحرمان وأقله للفائدة التى هى كالحرمان .
لا جرم كانت لغة الأمة هى الهدف الأول للمستعمرين , فلن يتحول الشعب أول ما يتحول إلا من لغته , إذ يكون منشأ التحول من أفكاره وعواطفه وآماله , وهو إذا انقطع من نسب لغته انقطع من نسب ماضيه , ورجعت قوميته صورة محفوظة فى التاريخ , لا صورة محققة فى وجوده , فليس كاللغة نسب للعاطفة والفكر حتى أن أبناء الأب الواحد لو اختلفت ألسنتهم فنشأ منهم ناشىء على لغة , ونشأ الثانى على أخرى , والثالث على لغة ثالثة , لكانوا فى العاطفة كأبناء ثلاثة آباء .
وقد استشعر هذا الخطر كثير من الدول ففرضت قيوداً صارمة من أجل الحفاظ على الكيان اللغوى من التشظى والذوبان والتماهى فى كيانات أخرى واتخذت خطوات إيجابية للمحافظة للمحافظة على لغتها , منها :

* جعلها لغة للتخاطب والحديث فى كل شئون الحياة .
* تشكيل مؤسسات علمية لرعاية اللغة ومتابعة المتكلمين بها وبحث ما يتعرضهم من مشكلات .
* توجيه وسائل الإعلام للمحافظة على اللغة وعدم استخدام المستويات الهابطة منها .

فعلينا – أبناء اللغة العربية – توخى الحذر من محاولات إضعاف لغتنا العربية . وما ذلت لغة شعب إلا ذل انحطت إلا كان أمره فى ذهاب وإدبار , ومن هنا يفرض الأجنبى المستعمر لغته فرضاً على الأمة المستعمرة , ويشعرهم عظمته فيها , فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثة فى عمل واحد : أما الأول فحبس لغتهم فى لغته سجناً مؤبداً , وأما الثانى فالحكم على ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً , وأما الثالث فتقييد مستقبلهم فى الأغلال التى يصنعها , فأمرهم من بعدها لأمره تبع .
فأنتم – شباب العرب – حراس أشرف لغة فهل عرفتم دوركم ؟
remove_circleمواضيع مماثلة
العلم والايمان
الدرس الثانى
عتاب من اللغة العربية إلى أبنائها
النص

سمعت بأذن قلبى صوت عتب                                 له رقراق دمع مستهل
تقول لأهلها الفصحى : أعدل                                 بربكم اعترابى بين أهلى ؟
أنا العربية المشهود فضلى                                  أأغدو اليوم , والمغمور فضلى ؟
إذا ما القوم باللغة استخفوا                                 فضاعت , ما مصير القوم , قل لى
يحاربنى الألى جحدوا جميلى                                ولم تردعهم حرمان أصلى
وفى القرآن إعجاز تجلت                                 حلاى بنوره أسنى تجل
وللعلماء والأدباء فيما                                    نأت غاياته مهدت سلبى
فيا أم اللغات عداك منا                                   عقوق مساءه وعقوق جهل
لك العود الحميد فأنت شمس                            ولم يحجب شعاعك غير ظل

تحليل النص

أولاً : بيئة النص :

يترجم هذا النص لاتجاه ساد فى ذلك العصر , وهو الدفاع عن اللغة العربية الفصيحة , والوقوف فى وجه من يهاجمونها فى الداخل والخارج , وقد تعددت صور الهجوم عليها . بالنقد أو بالتغيير فى ملامحها الأصلية أو باستخدام ألفاظ أجنبية , بل تفضيل لغات أجنبية عليها , ظناً أن العربية جامدة لا تواكب العصر الحديث .

وهنا يتصدى المحبوب المخلصون لهذه اللغة من الأدباء والشعراء لتلك الهجمة الشرسة . ومن هؤلاء طه حسين الذى حمل لواء الدفاع عن اللغة العربية وتضامن معه كثيرون , أما الشعراء فكان لهم دورهم المشهود , ومن أبرزهم حافظ إبراهيم فى قصيدته الشهيرة " اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها " وعلى الجارم فى قصيدته " اللغة العربية " وكلاهما ينتمى إلى الاتجاه المحافظ فى الشعر العربى . أما القصيدة التى معنا فلعلك تلاحظ أن مطران يظهر فيها اعترافاً بالحقيقة التى لا مراء فيها , فهو يشهد بعظمة اللغة العربية وجمالها وأنها سبب إعجاز القرآن الكريم وهى كذلك أم اللغات , وأنه ليست هناك قديمة أو حديثة تباريها فى حسناتها .

ثانياً : الشرح :

يتمثل الشاعر شخصية اللغة العربية , وهى تعاتب أهلها على تقصيرهم فى حقها . فقد سمعت اللغة صوت ذلك العتاب الباكى بأذنها وأحسته بقلبها إن اللغة العربية تعاتب أهلها وتستنكر عليهم أن جعلوهم غريبة بينهم وهم أهلها . إنها العربية التى شهدت الدنيا بفضلها وعظمتها ومكانتها . فكيف ينكر أهلها الفضل وهذه المكانة ؟

ولو أنا أهلها استهانوا بها , لكان مصيرهم هو مصيرها من الضعف والتدهور . إن الذين يحاربون اللغة العربية هم الذين ينكرون فضلها , ولم يمنعهم عن ذلك ماضيهم العريق , وحرمة أصلها . وإذا كان فى اللغة عبقرية وإعجاز فهو الإعجاز الذى تجلى فى القرآن الكريم , وقد اتضحت حلاها وزخارفها وجمالها البلاغى كأوضح ما يكون الجمال .

لقد لقد كانت اللغة هى السبيل القريب الواضح للعلماء والأدباء فيما استغلق عليهم فى أمور العلم والأدب . فعفواً أم اللغات على ما بدر منا من عصيان وقطيعة سواء أكان هذا عن إساءة أو جهل , فعود حميد إليك , فأنت التى لا يستغنى عنك عربى , فأنت فى القوة والسمو كالشمس التى لا يخفيها شىء , وما حدث من تجاهل فضلك وجحده ظل زائل لا يقوى على حجب فضلك .

رابعاً : من جماليات النص :

أ- الموسيقى : تتمثل فى الوزن والقافية الموحدة التى جاءت مكسورة للدلالة على انكسار نفس اللغة العربية بسبب الإهال الذى أصابها , وهذه هى الموسيقى الخارجية . أما الموسيقى الداخلية فهى فى حسن اختيار اللفظ , وجودة الصياغة , وترابط الفكر وتسلسلها , وروعة التصوير .

ب- المحسنات البديعية : تأمل كلمات النص تجد التضاد بين ( المشهور – المغمور ) موضحاً أ،ه يؤكد المعنى .

ج- الأساليب : تنوعت الأساليب بين الخبرى والإنشائى , فمن الأساليب الإنشائية قوله :

* أعدل بربكم اغترابى بين أهلى ؟ استفهام غرضه الإنكار بمعنى النفى والرفض لمنضمون الجملة .
* أأغدو اليوم , والمغمور فضلى ؟ استفهام غرضخ الإنكار بمعنى التوبيخ واللوم , أى ما ينبغى أن يكون ذلك .

د- الخيال والتصوير : تأمل النص تجد أن الشاعر نحا نحو الخيال والتصوير متكثاً على الاستعارة والتشبيه كما فى قوله :

( تقول لأهلها الفصحى ) استعارة مكنية , حيث صور اللغة بإنسان يخاطب أهله غيره , وسر جمالها التشخيص .

خامساً : سمات أسلوب الشاعر :

* سهولة الألفاظ وفصاحتها .
* عمق المعانى والفكر .
* إحكام الصياغة .
* استخدام لغة الحوار .
* قلة المحسنات والخارف اللفظية .
* جمال التصوير والاعتماد على التشخيص .

سادساً : لمحة أدبية : المدرسة الرومانتيكية :

دريت فى العام الماضى لمحة عن المدرس الكلاسيكية ( الاتجاه المحافظ فى الشعر العربى ) , وعرفت كثيراً من رموزها من الشعراء , وكان من سمات تلك المدرسة أنها تلتزم الوزن والقافية الواحدة والحرص على تلصريع فى مطلع القصيدة واستعارة صور القدماء , وشيوع الحكمة والتأثر ببعض ألفاظ القرآن , كما أن الألفاظ تتسم بالجزالة والفصحاة ووضوح الفكر . حتى إذا ظهر جيل جديد من الشعراء وجد نفسه ينصرف عن أسلوب شعراء تلك المرسة متجهاً إلى الوحدة العضوية بدلاً من الاهتمام بالصاغة على حساب المعنى أو الوجدان وكان خليل مطران زعيم هذا الاتجاه , وهو ما يهرف بالاتجاه الوجدانى فى الشعر العربى .

لقد اطلع مطران على الشعر الرومانتيكى الفرنسى حين كان فى فرنسا , ولا يخفى أن رومانتيكية مطران سببها الأول هو تلك الطبيعة الخلابة لى لبنان , التى كان لها أثرها فى نمو خياله ونقاء إحساسه وجمال تصويره .

تمثل الاتتجاه الوجدانى عند مطران فى أنه يرى الكون من خلال أحاسيسه الذاتية , وهذا الاتجاه يحاكى الاتجاه الرومانتيكى فى الأدب الغربى .

وقد اهتم مطران بتحليل العواطف الإنسانية , وتقدير الحب والخير والجمال كمثل عليا يتغذى عليها الأنقياء من البشر .

ولا يخفى ما فعله مطران فى القصيدة العربية , فقد جاءت تجربة شعورية تجمع بين الشاعر والمتلقى .

* أصبحت القصيدة كلا متماسكا يربط بين أجزائه وحدة عضوية هى وحدة الموضوع ووحدة العاطفة والجو النفسى .

* جاءت جميلة التصوير .

* بعدت لغتها عن الغريب النابى .

* ارتبطت بالأوزان التقليدية والقافية الموحدة مع التجديد فى بعضها .

الدرس الثالث

اللغة والمجتمع

النص

اللغة ظل أصحابها إن تقدموا تقدمت , وإنت تأخروا تأخرت , وليس هناك لغة هى بطيعتها لغة علم وأخرى هى بطبيعتها عاجزة عن احتواء العلم أو أداء معانيه ولكن المجتمع قد ينشط فينمو فيه العلم , وتنمو لغته للتعبير عما يستحدثه نمو العلم من أفكار , أو قد يخمل المجتمع فيقف فيه نمو العلم وتدخل فيه اللغة مرحلة سبات كسبات النبتة فى فصل الخريف تجف أطرافها وتتساقط الأوراق . فإن لقينا فى العربية عجزاً فذلك عجز العرب أما العربية فذات ماض عريق فى العلم , بل هى أعرق اللغات الحية قاطبة فمن قبل أن تصبح لغات اليوم لغات علم وأدب حملت العربية لواء العلم والحضارة , لم تعجز ولم تهن حتى غدت مضرب مثل اللغات التى عاصرتها ولكن ضعف العرب ووهنهم عاقا نمو اللغة وتطورها .
تحليل النص
أولاً : بيئة النص :
ينتمى هذا النص إلى  فن " المقال " وهو أحد فنون النثر فى العصر الحديث , ويمثل النص نموذجاً للمقال الأدبى , حيث يتناول موضوعاً أدبياً عن اللغة العربية , انطلاقاً من إيمان الكاتب بأن الحفاظ على اللغة حفاظ على الهوبة .
ثانياً : الشرح :
إن اللغة جزء ممن يتحدثونها , وهى لا تقاصر على كونها أداة التواصل بين الناس فقط , وإنما يتعدى دورها إلى أنها حاملة الفكر والسلوك والقيم والمبادىء الإنسانية , وهى المورد الذى تنبثق منه الثقافة واللغة لا تستطيع أن تقول عنها : إنها لغة علم ورقى وتقدم , أو إنها لغة عاجزة عن احتواء العلم أو التعبير عنه , وإنما ذلك كله يتعلق بالمجتمع الذى يستخدم هذه اللغة , فهى ظل لأصحابها , ومرآة لثقافتهم , إن تقدموا تقدمت وإن تأخروا تأخرت .
وعندما ينمو المجتمع ويتقدم وتكثر نظرياته واختراعاته , فإن اللغة تنمو وتنشط معه لتعبر عن أفكاره ونظرياته , وعلى النقيض تماماً قد يصاب المجتمع بالكسل فيتوقف عن التقدم والرقى , وينتج عن ذلك ضعف اللغة , ولكنها لا تموت , وإنما تدخل فى مرحلة سكون , وتصبح كالنبتة التى تجف أطرافها , وتتساقط أوراقها فى فصل الخريف .
واللغة العربية إحدى اللغات العريقة . وإذا أصيبت بعجز أو ضعف , فإنما هو عجز العرب لا عجز اللغة , فماضيها عريق فى العلم , فقد سادت العالم أجمع  وأصبحت لغة العلم والثافة منذ قرون عديدة , وليس ذلك إلا أن العرب كانوا يأخذون بأسباب التقدم , وحينما تراجع العرب وضعفوا أدى ذلك إلى تأخر اللغة .

ثالثاً : من جماليات النص :

أ- وبضدها تتميز الأشياء : تأمل الجمل وحدد الكلمات التى بها " تضاد " مثل ( تقدموا , تأخروا ) , ( ينشط  يخمل ) وتوصل إلى أن هذا التضاد قد أكد المعنى ووضحه .

ب- الأساليب : ( إن تقدموا تقدمت , وإن تأخروا تأخرت ) , ( ولكن المجتمع قد ينشط فينمو فيه العلم , وقد يخمل فيقف فيه نمو العلم ) تأمل الأساليب تجد أنها أساليب شرط تعتمد على المقدمات والنتائج , وتوضح هذه الأساليب مدى ارتباط تقدم اللغة بتقدم المجتمع .

ج- الخيال والتصوير : ( اللغة ظل أصحابها ) تشبيه اللغة بالظل وفى ذلك تجسيم وتوضيح .
( ينمو فيه العلم ) استعارة مكنية , حيث شبه العلم بكائن حى ينمو ويكبر وفى ذلك تجسيم .

رابعاً : الخصائص الأسلوبية للكاتب :

من خلال النص يتسم أسلوب الكاتب بما يلى :

* دقة الألفاظ وسهولتها .
* عمق المعانى .
* وضوح الفكر وترابطها .
* استخدام لغة الحوار .
* قلة المحسنات البديعية .
* استخدام الصور البلاغية .

خامساً : ملامح شخصية الكاتب :

يتسم الكاتب بـ :

* الدقة فى التفكير .
* القدرة على الإقناع بالدليل والبرهان .
* تقدير اللغة العربية والغيرة عليها .

الوحدة الثالثة                                       بناء الوطن
الدرس الأول

مصريون ... مصريون

مصريون ... مصريون نحن بكل قطرة من دمائنا .. بكل مسرى من مجرى دمائنا , مصريون بأعراقنا التى ورثناها عن آبائنا ومصريون بأعراقنا التى تختلج بها قلوب أبنائنا . آمالنا كلها تطوف بأرض مصر وسمائها ومسالك الهواء فى أجوائها , ومجرى الجداول من نيلها , وأمواج البحرين على ضفافها .

وغاياتنا أن يكون الرغد والرخاء والأمن والنماء أحضان مصر وحياتها وترابها ونبتها من الشجرة اللفاء عريقة الجذور إلى أعواد الزورع الحديثة الاخضرار .

وفى يوم من الأيام هتف قائل محموم : " لا يكفى أن نقول " مصر " حتى تنحنى الرءوس " ويله يوم نادى هذا النداء .. ما أعظم ما تبجح ! وما أبغض ما فجر به ! كان فى ذلك اليوم ذا منصب , واتخذ من منصبه جنة يستجن بها , ليهاجم مصر , وهو مصرى من ألفاظ حنايا مصر .. جعل منصبه درعاً ليطلق صيحته الرعناء الحمقاء التى لا أشك أن مددها كان ما لا دنساً تسرب إليه فى ليل من الحاقدين على مصر والشانئين من أقزام الدول .

وحسب الأحم أن صيحته ستيتعلها أفناء مصر , ولا تلتفت إليها ويكون هو قد زاد خزانته ما لا , وزاد ذمته المالية المتجردة من الأمانة ثراءً بالنقود , وليس يعنيه من بعد أن تزداد فقراً إلى الشرف والركامة والوطنية والانتماء .

ويحه ماذا قال ؟ وأى غاية تغياً ؟ وأى هدف تقصد ؟ إننا نحن – أبناء مصر – إذا سمعنا كلمة "مصر" خشعت منا القلوب , ووجفت منا حبات الأفئدة وخضعت منا الجباه . فلا محبا لوطنه مشغول بغيره . فإن يكن هناك يسار فليكن يساراً مصرياً أو يمين فليكن مصرياً .
وإن تزيا اليسار بالاشتراكية أو تسربل اليمين بالتطرف الدينى فلابد للقلوب أن تبقى مصرية أصيلة عميقة الإيمان .

ليس مصرياً يمد يديه خارج مصر ليصبح : إن العالم كله وحدة , وإن الوطنية شعوبية , وإن الوفاء للدولة تفريق بين أبناء الإنسانية .

فمن أحضان الأم تنبت الإسنانية فى العالم , ومن عبير تراب الوطن نشعر بالوجود البشرى ومن لم يعرف كيف يحب أمه جهل كيف يحب وطنه , ومن لم يعرف كيف يحب وطنه جهل كيف يحب الإنسان فى كل مكان .

كاذب ذلك الذى يدعو إلى خير البشرية قبل أن يدعو إلى خير وطنه وهو يتقاضى من أجل ذلك أموالاً هى أحقر ما يصيب إنسان من مال على وجه الأرض .

إننا نرفع " مصر " شعاراً , وأسألكم يا أبناء مصر الخلص الشرفاء ... أتعرفون نداء أجمل فى القلوب أو أعذب فى الآذان أو أسعد للنفوس من هذا النداء ؟ كأنى أنصت لكم تجيبون : لا مصرى المولد أو السكن منكر لروعة هذا النداء .

إننا نرفع " مصر شعاراً , لأننا نعرف أن هناك فئات من الناس انتمت مصالحها إلى غير مصالح مصر .. ونعرف أن مصالح هذه الفئات أصبحت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بما يجر على مصر الخراب والهوان وهيهات ألف هيهات لن يصل الخراب إلى مصر مهما يجد بهم السعى .

وهيهات ألف هيهات فلن يطول الهوان نسمة من أجواء مصر , إنها كنانة الله فى أرضه , ونحن أبناؤها , ودماؤنا حصنها دون أى عربيد يحاول أن يمس ذرة من ترابها بهوان , هذا شعارنا نرفعه ونموت دونه ويرفعه معنا أبناء مصر قاطبة من أقصى بحرها شمالاً إلى أقص أسوانها جنوباً , ومن حدود صحرائها فى الغرب إلى حدود صحرائها فى الشرق .

الدرس الثانى

عودوا إلى مصر

النص

عودوا إلى مصر ماء النيل يروينا
                                                      منذ ارتحلتم وحزن النهر يدمينا
أين الزمان الذى عشناه أغنية ؟
                                                      فعانق الدهر فى ود أمانينا
هل هانت الأرض ؟ أم هانت غزائمنا ؟
                                                     أم أصبح الحلم أكفاناً تغطينا ؟
يا عاشق الأرض كيف النيل تهجره ؟
                                                     لا شىء واله غير النيل يغنينا
عودوا إلى مصر غوصوا فى شواطئها
                                                     فالنيل أولى بنا نعطيه .. يعطينا
فكسرة الخبز بالإخلاص تشبعنا
                                                    وقطرة الماء بالإيمان تروينا
عودوا إلى النيل عودوا كى نطهره
                                                    إن نتسم خبزه بالعدل ... يكفينا
عودوا إلى مصر صدر الأم يعرفنا
                                                     مهما هجرناه فى شوق يلاقينا
ما بعد القراءة

تحليل النص

أولاً : بيئة النص :

ينتمى هذا النص إلى الشعر المعاصر , وهو نموذج للاتجاه الوطنى , للشاعر فاروق جودية الذى يعبر فيه عن جانب من جوانب الواقع المصرى وبيان أن الوطن والنيل نعمتان يجب المحافظة عليهما .

ثانياً : الشرح :

يدأ الشاعر قصيدته بمطالبة الشباب بالعودة إلى أحضان مصر الحانية , حيث نهر النيل بمائه العذب وبخيراته التى تكفى المصريين , فمنذ أن ارتحل هؤلاء الشباب وحزن النهر يدمى القلوب , فقد عشنا زماناً جميلاً فى رحاب هذا النهر .

ثم يتساءل الشاعر عن السبب فى هجرة الشباب عن مصر . أهو ضعف حبهم لمصر أم ضعف مصر أم ضعف الإيمان بمكانة الوطن فى النفوس ؟
أم أن الحلم الذى كنا نسعى إلى تحقيقه قد مات قبل أن يولد .

يامن تعشقون أرض مصر الجميلة بطبيعتها الساحرة . لماذا تهجرون النيل العذاب , مصدر غنى مصر ورخائها , وهو أولى بالعطاء وأولى بالأخذ منا , فقطعة الخبز التى نحصل عليها بإخلاص تشبعنا , وقطرات الماء التى نشربها من ماء النيل بإيمان راسخ بعظمة هذه النعمة تروينا.

فيا شباب مصر حافظوا على نيلكم وعيشوا فى أحضانه كى تطهروه . فالخير الذى تنتجه أرضنا يكفينا , فمصر كصدر الأم , حناناً , وحباً لأبنائها , فمهما ابتعدوا عنها , فإنها تشتاق إليهم , وتلقاهم فى ود وحب , كما تلقى الأم أبناءها بعد طول غياب .

رابعاً : من جماليات النص :

أ- الموسيقى : تعتمد الموسيقى فى النص على الوزن والقافية الموحدة فضلاً عن حسن انتقاء الألفاظ وجودة الصياغة , وترابط الفكر ودقة تسلسلها .

ب- الأساليب : تنوعت أساليب الشاعر بين الخبرية ( وغرضها الوصف والتقرير والفخر ) والإنشائية مثل : الأمر فى " عودوا إلى مصر " وغرضه الحث والنصح , وتكرار هذا الأسلوب للتأكيد . والاستفهام فى " أين الزمان الذى عشناه أغنية ؟ يفيد التحسر .

ج- الخيال والتصوير : تأمل التعبير : " وحزن النهر يدمينا " تجد أنه تعبير غير حقيقى فالنهر لا يحزن , ولكن أعطاء هذه الصفة ليدلل أو يوحى بحالته السيئة وغضبه الشديد من الشباب الذين هاجروا من مصر . وقد جاء التصوير استعارياً , حيث صور النهر بإنسان يحزن , وكذلك قوله : " أم أصبح الحلم أكفاناً تغطيناً " تشبيه , صور فيه الحلم الشيطانى كأنه كفن , وهذا إنذار بالموت وإيحاء بالنهاية البائسة .

خامساً : سمات أسلوب الشاعر فى النص :
* سهولة الألفاظ ودقتها ووضوحها .
* جمال الأسلوب .
* ترابط الفكر .
* تنوع الأساليب بين الخبرية والإنشاية .
* روعة الصور الخيالية .
سادساً : ملامح شخصية الشاعر :
تبدو ملامح شخصية الشاعر من خلال النص , فهو وطنى , مؤمن بعظمة مصر وأهمية نهر النيل , له براعة متمية فى التعبير عن المعانى الوطنية وهو من أكثر الشعراء وطنية وكتابة عن مصر فى عصرنا الحاضر .
سابعاً : لمحة أدبية :
الشعر الوطنى
يلعب الشعر دوراً حيوياً فى تشكيل وجدان الشعوب , والشاعر بحسه وبصيرته يسبق الأحداث الجسام , فهو الأقدرعلى الإحساس بآلام الأمة وعذاباتها , وهو الذى يشكل الموقف الشعورى تجاه الأحداث التى تشهدها الأوطان .
ولقد كان للشعر المصرى دور كبير فى إذكاء الثورات وإلهاب حماس الجماهير للمطالبة بالحرية والحياة الكريمة للأوطان .
وقد اهتم الشعر الوطنى بدعوة الشعوب للتحرر من الاستعمار والدفاع عن الأوطان وبذل النفس من أجلها , وفضح جرائم المستعمر وتهديده .

يقول الشاعر أبو القاسم الشابى :
ألا أيها الظالم المستبد                               حبيب الفناء عدو الحياة
سخرت بأناة شعب ضعيف                          وكفك مخضوبة من دماه
كما غنى الشعر الوطنى فى العصر الحديث بتمجيد البطولات موضحاً قيمة الحرية والعدل والمساواة والعملوالبناء من أجل الوطن . ومن أبرز رواده فى العصر الحديث : البارودى وأحمد شوقى وحافظ إبراهيم محمد عبدالمطلب والشابى وغيرهم ومن المعاصرين : نازك الملائكة , وبدر شاكر السياب , وصلاح عبدالصبور , وأمل دنقل , ونزار قبانى , ومحمود درويش , وفارق شوشة , ومحمد إبراهيم أبو سنة , وفاروق جويدة , وغيرهم .

الدرس الثالث صناعة الآراء
النص
قالت العصا :
ما رسالة الأديب والفنان فى نظرك ؟ ... أليست هى فى توجيه الرآى العام ؟ ..
قلت :
أعتقد أن أسمى رسالة للأديب والمفكر والفنان ليست فى توجيه الرآى العام , بل فى خلق الرأى العام... فإن التوجيه معناه الدفع والفرض والسيطرة بفكرة أو معنى أو مرمى على نفوسهم ... وفى هذا انتصار بلا شك لفكرة المفكر , أو لرأى الأديب , أو مرمى الفنان ... ولكن هذا الانتصار الشخصى هو فى ذات الوقت خذلان لآراء عدد كبير من الناس , وفناء لشخصية طوائف عديدة من البشر . مثل هذا الانتصار على آراء الناس وقلوبهم مفهوم من رجل السياسة ... ولكن الأديب أو المفكر أو الفنان رجل تكوين وتربية وخلق ... لا رجل سيطرة وانتصار ... فهو لا يجب أن يلبسك رأيه , بل يجب أن يخلق فيك رأيك .
قالت العصا :
إنك تفترض أن الناس جميعاً قابلون أن يكونوا أحراراً ... وتنسى أن أغلب البشر لا يستطيعون ولا يريدون أن يكون لهم رأى ... إنما يستسهلون أن يرتدوا الآراء التى تصنع لهم صنعاً ...
قلت :
نعم ... هنا المشكلة ... وإنها لتتفاقم ... لأنه باستاع نطاق الحضارة أصبح من الضرورى للناس أن يتخذوا لهم آراء كما يتخذون لهم سيارات وأردية وأجهزة للإذاعة ... وإن الكسل والسرعة والسهولة تدعوهم إلى طلب هذه الآراء مصنوعة عند من يحسن تقديمها إليهم فى صناديق مجهزة مبسطة ...
قالت العصا :
لعنا اقتربنا من الحقيقة ... وهى أن عمل الأديب أو المفكر أو الفنان هو خلق أولئك الذين يصنعون الآراء للجماهير ! ..
ما بعد القراءة
نشاط الكلمة والسياق
بالرجوع إلى معجمك تعرف معنى الكمات الملونة .
تحليل النص
أولاً : بيئة النص :

ينتمى هذا النص إلى فن المال الذى يعد من أبرز فنون النثر فى العصر الحديث , ويمثل النص نموذجاً للمقال الاجتماعى , يتناول مشكلة اجتماعية تهم الناس الذين يعيش الأديب بينهم , ويهتم بهم .
ثانياً : الشرح :
تخيل توفيق الحكيم عصاه تتحدث إليه وتستفسر عن المقصود برسالة الأديب والمفكر والفنان , وترى أنها توجيه للرآى العام والمجتمع , ولكن الحكيم يرى أن أسمى رسالة للأديب والمفكر والفنان لا تكمن فى توجيه الرأى العام لدى الناس , وإنما فى خلق الرأى العام وبنائه , لأن التوجيه يعنى فرض الرأى والسيطرة على آراء الآخرين . أى التأثير على الناس ودفعهم إلى إتجاه معين وفرض رأى والتأثير على عقولهم بفكرة أو معنى أو هدف , وبهذا ننتصر لفكرة المفكر , أو لرأى الأديب , أو مقصد الفنان , ولكن هذا الانتصار الشخصى هو فى الوقت نفسه تخل عن نصرة آراء عدد كبير من الناس , وضياع لشخصية كثير من البشر .
إن الانتصار على آراء الناس معروف عند أهل السياسة , ولكن المفكر والأديب والفنان يبحث فى تكوين الإنسان وتربيته , لا عن سيطرة أو انتصار لفكرة , فلا ينبغ أن يخضعك لرأيه , وإنما يجب أن يبنى فيك الرأى , فينبع رأيك منك .
قالت العصا للحكيم :
إنك تفترض أن الناس قابلون أن يكونوا أحراراً فى آرائهم وأفكارهم , مع أن أكثرهم لا يستطيعون ذلك ولا يريدون أن يكونوا من أصحاب الرأى والتأثير فى الآخرين , ويستسهلون أن يتبنوا الآراء التى تصنع لهم أو تفرض عليهم .

وتزداد المشكلة تعقيداً بعد أن اتسع نطاق الحضارة , فقد أوجدت وسائل وأدوات متعددة ينتفع بها الناس دون أن ينتجوها , ويقيس الحكيم حاجة الناس إلى تبنى آراء صنعها غيرهم بهذا الذى جرى فى عالم الحضارة , إذ إن حالة الكسل والسرعة والسهولة التى يعيش فيها الناس تدعوهم إلى طلب الآراء التى أحسن غيرهم صنعها وتقديمها إليهم جاهزة مبسطة .
وتلك هى مهمة المفكرين والفنانين والأدباء .
قالت العصا : لقد اقتربنا من الحقيقة . وهى أن عمل الأديب أو المفكر والفنان هو إيجاد من يكونون آراء الناس .

ثالثاً : من جماليات النص :

إن النص الإجتماعى يتناول مشكلة اجتماعية تهم الناس جميعاً . وقد استقى معلوماته من خبرته فى الحياة , وقوة ملاحظته لمجتمعه , وأحوال الناس من حوله , فهو يتحدث عن صناعة الآراء وبنائها فى عقول الناس مستخدماً الأسلوب الخبرى الذى يعتمد على الوصف والتقرير , واستخدام بعض أساليب التوكيد مثل : " إنك تفترض أن الناس جميعاً ... " إنما يستسهلون أن يرتدوا الآراء ... " وقوله : " إنها لتتفاقم ... " كما ندرت المحسنات البديعية بالمقال .

" الخيال والتصوير : جاءت الصور الخيالية فى المقال قليلة وكان هدفها التوضيح مثل الأستعارة المكنية فى قوله : " قالت العصا " فقد تخيل العصا إنساناً يتحدث إليه , وكذلك وله : " توجيه الرأى العام .. وخلق الرأى العام " وكذلك " يرتدوا الآراء ... " .

فى ذلك التصوير تشخيص وتوضيح وتجسيم .

رابعاً : سمات أسلوب توفيق الحكيم فى النص :

* دقة الفكر وتسلسلها ووضوحها والتكثيف الشديد .
* سوق الأدلة للإقناع .
* سهولة العبارات وسلامتها فلا تعقيد ولا تكلف .
* قلة الصور البلاغية .
* القدرة على إبتكار الشخصيات .
* ندرة المحسنات البديعية .
* الأعتماد على الأسلوب الخبرى دون الإنشائى .
* الجميع بين الواقعية والرمزية .
خامساً : ملامح شخصية الكاتب :
* قوة الملاحظة لما يدو حوله فى المجتمع .
* الإلمام بثقافة عصره .
سادساً : لمحة أدبية :
فن المقال

* ارتبطت نشأة المقال فى العصر الحديث بالصحافة , وقد عرف المقال قبل اختراع الطباعة بقرون طويلة , وكان عند بعض الأدباء قالباً فنياً منذ عصر اليونان , وأثرت الصحافة فى تطوره , لا فى نشأته والوصول به إلى درجة الدقة والتركيز وحسن العرض مع سلامة اللغة وسلاسة الصياغة , وقد تعدت مجالاته بين دينية واجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية , كما تعددت وسائل نشره فى المجلات والصحف , وتنوع أسلوبه بين العلمى والأدبى والعلمى المتأدب .
* استجاب المقال لظروف العصر السائد فى المجتمع , فكثرت المقالات السياسية مع الصراع السياسى , وتكثر المقالات الاجتماعية مع الحاجة إلى الإصلاح الإجتماعى , وقد ازدهر فيه المقال فلا تخلو الصحف من مالات تعرض لمشكلات المجتمع تقدم علاجاً لها وتعبر عن آمال المجتمع وآلامه .
* المقال : قالب نثرى يعرض فيه موضوع ما عرضاً منطقياً مترابطاً , يوضح فكرة الكاتب ثم ينقلها إلى الراىء بصورة مؤثرة .
* برع كثير من الكتاب فى كتابة المقال فى الصحف , ولذلك كان للصحافة دور كبير فى نهضة المقال . ومن هؤلاء : العقاد فى كتابه " الفصول " , والمازنى فى " حصاد الهشيم " , وطه حسين فى كتابه " حديث الأربعاء " ومصطفى صادق الرافعى فى كتابه " وحى القلم " وأحمد أمين فى كتابه " فيض الخاطر " , ومحمد مندور فى كتابه , نماذج بشرية " وغيرهم .
* أثرت الصحافة عن طريق المال فى اللغة العربية , فدفعت بها إلى الوضوح والتركيز . كان من كتاب المقال من رجال الأدب والفكر : أحمد لطفى السيد وطه حسين ومحمد حسين هيكل والعقاد والمازنى ومصطفى صادق الرافعى .
* وقد جمع هؤلاء بين الثقافة العربية الأصيلة والثافة الأجنبية الوافدة , فارتفعوا بالمقال , وقصدوا بذلك إلى :
* التحليل .
* دقة التعبير فى عبارة سليمة .
* وضوح الفكرة .
أنواع المقال :
من حيث الشكل من حيث المضمون
المقال القصير : يتناول فكرة واحدة تعرض بطريقة مركزة وشائقة وبأسلوب واضح , وعبارات سهلة , ويوضع له عنوان مثل : " فكرة " لمصطفى أمين , و " صندوق الدنيا " لأحمد بهجت , و " مواقف لأنيس منصور , و " مجرد رأى " لصلاح منتصر .
ويعرض هذا المقال لجوانب اجتماعية وسياسية , ودينية , واقتصادية , ويسمى هذا اللون من المقال : العمود الصحفى أو الخاطرة .

المقال الطويل : يتراوح هذا المقال بين صفحتين وعشر صفحات , ويعرض موضوعاً عرضاً شائقاً بلغة سهلة , واضحة , ويعتمد على , الإقناع والإمتاع .. من كتابه : طه حسين والمازنى وأحمد أمين وغيرهم . يختلف المقال بحسب طبيعة موضوعه وشخصية كاتبه وثقافته , ويتفاوت الكتاب من ناحية العمق والسطحية , والفكر الخصب أو الأفق الضيق , والميل إلى الإيجاز أو الإطناب , وامتلاك المقدرة اللغوية . وقد يكون المقال تصويرياً يرسم صورة لشخصية ما يبرز مات فيها من محاسن أو عيوب . ومن كتاب هذا المقال : الشيخ عبدالعزيز البشرى الذى كان يرسم صوراً لمية ونشرها فى مجلة " السياسة الأسبوعية " وجمعت فى كتاب بعنوان فى المرآة , وهناك " المقال النزالى " ويمثل المعارك الفكرية التى ثارت بين العقاد والرافعى وكذلك فى مقالات طه حسين التى هاجم فيها أنصار القديم المتجمدين .
وهناك " المقال الفلسفى " ومن أبرز كتابه الدكتور زكى نجيب محمود .
أما من حيث الأسلوب , فهناك المقال الذى يكتب بأسلوب أدبى , يتألق الكاتب فى اختيار عباراته , وجمال أسلوبه , ومزج الفكر بالإحساس واستخدام الخيال , ومن أبرز كتابه أحمد حسن الزيات كما يتجلى فى مقالاته الأسبوعية فى مجلة الرسالة والتى جمعها فى كتابه " وحى الرسالة " بأجزائه الأربعة , وهناك المقال الذى يكتب بأسلوب علمى متأدب يعتمد فيه الكاتب على إبراز الحقائق فى صورة جذابة ويتميز بالدقة والموضوعية فى صياغة الجمل , كما فى مقالات د . أحمد زكى .
خصائص المقال :
من أبرز خصائص المقال ما يلى :
* تتمثل فيه الوحدة المكتملة وترابط الفكر .* الإقناع عن طريق سلامة الفكر ودقتها ووضوحها .
* العرض الشائق الذى يشد القارىء ويؤثر فى نفسه .* القصر بحيث لا يتجاوز بعض صفحات .
* النثرية , لا الشعرية , يغلب عليه التفكير وإن كان فيه خيال فهو لخدمة الفكرة .* الذاتية . أى ذاتية الكاتب , حيث تلمح شخصية الأديب من خلال كلماته .* تنوع أسلوبه تبعاً لطبيعة موضوعه وشخصية كاتبه .
* وضوح الأسلوب وقوته وجماله , بحيث تصل الفكرة إلى القارىء .* تركيب قوية وألفاظ ملائمة وأساليب جميلة دون تكلف .
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى