المشكلة الرئيسية في التعليم قبل الجامعي هي الثانوية العامة ، وعلى وجه التحديد الصف الثالث الثانوي ، فكل عام دراسي تتوتر البيوت التي بها طالب ثانوية عامة ، ولا يخلو بيت من طالب ثانوية عامة ، حيث أصبح عدد المتقدمين للثانوية العامة سنوياً ما يزيد عن 500000 طالب ( خمسمائة ألف طالب ) ؛ أي ما يزيد عن نصف مليون طالب ، هم بحق نصف مليون كارثة ، أو نصف مليون قنبلة موقوتة !!! .
فمن بداية العام الدراسي وطلاب الصف الثالث الثانوي غير موجودين بالمدارس نهائياً ، على الرغم من تخصيص عشرات الآلاف من المدرسين والأخصائيين والمشرفين والإداريين والعمال ، تحت ميزانية الثانوية العامة ، وهم قوة معطلة ، بل ومليارات مهدرة ، بداية من الإداريين الذين يقومون بحصر الطلاب ، وإرسال الحصر للإدارات ثم المديريات والوزارة ، مع أنه حصر وهمي ومخالف للحقيقة ، وكذلك المدرسين المُعطلين دون عمل فعلي في الفصول ، في الوقت الذي تعاني فيه المدارس من عجز في جميع التخصصات سواء في الصف الأول والثاني الثانوي أو في المرحلة الإعدادية !!! .
ناهيكم عن الدروس الخصوصية التي أجهدت وانهكت أولياء الأمور ، في دراسة مناهج عقيمة لا طائل منها ، وطرق امتحانات متدنية وأساليب تقييم وتقويم هي الأسوأ في العالم ، ليخرج بعدها منتج رديء ، وهو خريج الثانوية العامة ، لتبدأ رحلة التنسيق والبحث عن كلية مناسبة ، وفي الغالب تمتليء بهم مدرجات كليات التجارة والحقوق والآداب بسبب المجاميع المتدنية ، على الرغم من أن أولياء الأمور أنفقوا الغالي والنفيس على الدروس الخصوصية ، لانهم عقدوا آمالهم على إلحاق ابنهم في كلية من كليات القمة ، فيواجهون تنسيقاً لا يعرف الرحمة ، يطيح بأمالهم بسبب نصف درجة في كلية من الكليات النظرية أو معهد من المعاهد العليا أو المتوسطة !!! .
لذلك أرى أن حل مشكلة الثانوية العامة ؛ هي أن تقتصر الدراسة في التعليم قبل الجامعي على الصف الأول والثاني الثانوي أما الصف الثالث الثانوي فيتم ضمه للتعليم العالي ، وتسمى السنة التمهيدية للجامعة ، ويقوم بالتدريس فيها المعيدون بالجامعة والأساتذة ، ومؤقتاً يتم من العام القادم تخصيص مدارس للصف الثالث الثانوي فقط تتبع الجامعة ، ووزارة التعليم العالي هي التي تضع المناهج للصف الثالث الثانوي أو نسميها السنة التمهيدية للجامعة ، وتضع وزارة التعليم العالي في هذه السنة المواد المؤهلة للكليات العلمية والنظرية ، التي تتناسب مع ما يتم تدريسه في الجامعه ، وتضع درجات للتميز الرياضي والتميز الموسيقي والتميز الفني وغيرها من درجات التميز للكليات النوعية التي يتم التلاعب فيها في التعليم قبل الجامعي ، وبذلك يتم القضاء على الغش والتسريب ، وتنتهي مافيا الكنترولات ، ومراكز الدروس الخصوصية ، ومراكز التصحيح ، ومراكز توزيع الأسئلة ، وتوفير الملايين التي يتم إنفاقها على الملاحظين والمراقبين في المحافظات ، ونمنع إهانة المعلمين في لجان الثانوية العامة ، وتوفير الملايين التي يتم إنفاقها على المطبعة السرية ، والملايين التي يتم إنفاقها على تأمين الامتحانات ، ونقل أوراق الأسئلة والأجابة .
وتستعين وزارة التعليم العالي بالحاصلين على درجتي الماجستير والدكتوراه من غير المعينين بالجامعة ، وتقوم بتجهيز المعامل بالأجهزة والمعدات والأدوات ومعامل اللغات والكمبيوتر ، بما يتناسب مع إعداد طالب جامعي ، ساعتها سيكون لدينا تعليماً جيداً فيما قبل الجامعة ونفس الأمر سيكون في التعليم العالي ، فقد أصبح الطالب في الثانوية العامة ابن الجامعة ومتعايش مع مناهجها وثقافتها وعلومها ومفرداتها .
وتخيل أن الثانوية العامة بلا دروس خصوصية ، وبلا لجان غش وبلا تسريب ، وبلا توتر لولي الأمر وللطالب ، وبلا أعباء إضافية سواء على ولي الأمر او على الوزارة ، بل وستكون هناك معايشة كاملة من طالب الصف الثالث الثانوي ، والذي سيطلق عليه : طالب السنة التمهيدية للجامعة ، هذا المقترح لو تم سيحدث تغيير كامل في التعليم قبل الجامعي والتعليم الجامعي ، لأن الطالب سيتم إعادة صياغته من جديد في هذه السنة التمهيدية بالجامعة ، وتوفيراً للمليارات المهدرة سواء في الدروس الخصوصية أو في الكنترولات وأعمال الامتحانات ، وسيتم تخفيف العبء عن التعليم العام لتتفرغ وزارة التربية والتعليم لمرحلة التعليم الأساسي ( الابتدائي والاعدادي ) ، وتعد طالب جيد في الصف الأول والثاني الثانوي ، بمناهج ترتقي تدريجياً بالطالب حتى يصل إلى مستوى ما يتم تدريسه في السنة التمهيدية بالجامعة ، بل وسيلتحق الطالب بالكلية التي تم تأهيله لها في السنة التمهيدية ، بعد وضع الضوابط والمعايير المناسبة للالتحاق بالكليات والمعاهد المختلفة .
دكتور محمد زهران ...