مدرس اون لايندخول

فلسفة 2 ثانوي 2015 - طبيعة الموقف الفلسفى

طبيعة الموقف الفلسفى
الفلسفة هى : فن التساؤل ومحاولة الإنسان الوصول إلى أقصى قدر من الحكمة فى فهم هذا العالم وفهم نفسه وعلاقته بالعالم الطبيعى ، وهذا يأتى من التساؤل الدائم من جانب الفيلسوف فى كل ما يتعلق بموضوعات الفلسفة المختلفة ، فالفلسفة حوار دائم وتساؤل مستمر قد يصل إلى الحقيقة أو يظل السؤال قائما دون جواب .
أولا : السؤال الفلسفى .. نشأته وخصائصه :
1- نشأة السؤال الفلسفى :
السؤال الفلسفى قديم قدم الإنسان ذاته ، ولم يكن ممكنا أن يعيش الإنسان الأول بدون أن يتساءل : عن الكون الذى يعيش فيه ، وعن خالقه ؟
وعن نفسه من أين جاء وإلى أى مصير يتجه ، وكيف يمكنه تكوين المجتمع الصالح الناجح .. إلخ ؟
تلك كانت تساؤلات طرحها الإنسان الذى عاش على ضفاف النيل وفى وادى الرافدين وفى بلاد فارس والهند والصين حيث ظهرت الحضارات الأولى فى تاريخ الإنسان .
والواقع أن الفلسفة كظاهرة إنسانية متأصلة فى أعماق النفس الإنسانية هى البحث عن الحقيقة المطلقة فى الألوهية أو الطبيعة أو الإنسان بنظرة عقلية مجردة ، فالسؤال هو جوهر الفلسفة .. وتظل المجتمعات بخير طالما بقيت متمسكة بالسؤال .
2- خصائص السؤال الفلسفى :
ينشغل الفيلسوف بالعديد من القضايا حسب رؤيته العامة لطبيعة الإنسان وحاجته الضرورية التى تتجاوز الزمان والمكان والفيلسوف صاحب نظرة كلية مجردة الواقع الحسى وصولا إلى العمومية والتجريد وللسؤال الفلسفى خصائص عدة أهمها :
م الخاصية المبــــــرر
1 قصدى لأنه يهدف إلى الوصول لمعرفة تتسم بالشمولية .
2 شكى لأن المعرفة الفلسفية ليست جاهزة ونهائية .
3 نقدى لأنه يفتح المجال للشك كطريق للمعرفة .
4 تساؤلى لأن كل سؤال يستدعى سؤالا آخر .
ثانيا : مفهوم الموقف الفلسفى :
يتعرض الإنسان طوال حياته فى هذا الوجود الفسيح للعديد من القضايا ، وتواجهه الكثير من المشكلات والتحديات منها ما هو أخلاقى ، وسياسى ، واجتماعى .. فالبعض منا تمر عليه هذه الامور ، دون أن تثير تفكيره ، وتحرك ساكنه .. وعلى النقيض ، يقف البعض وقفة تأمل متعجبا ومندهشا ، ومتسائلا .. باحثا عن ماهية هذه الامور وحقيقتها.
ويقصد بكلمة ( موقف ) هنا النظرة العامة والاتجاه أو التوجه العام للشخص المتفلسف ، حينما يتناول أى أمر يثير تفكيره بما يشمل اهتماماته واختياراته وتفضيلاته وترتيباته للأمور ، ولكل موقف خصوصية وحساسية معينة .
مثال : موقف الطبيب ليس كموقف الأم إزاء مرض طفلها ، وموقف الناقد الأدبى ليس كموقف النحوى أمام نص شعرى .
إن الموقف الفلسفى ليس – كما يتوهم البعض – يؤدى إلى ابتعادنا عن الحياة .
ويتيح الموقف الفلسفى لنا قدرة أكثر فاعلية وإيجابية للتمرس بمواقف الحياة العملية ، نتيجة لما يزودنا به من نظريات وآراء نصل إليها بالتحليل الفلسفى والنظر النقدى .
الموقف الفلسفى يبعدنا – بعبارة أخرى – عن مجرد الوقوف عند المستوى السطحى للأفكار كما يحدث لكثير من الناس الذين – وهم فى غمرة معاشهم والسعى وراء قوتهم – لا يدركون من مواقف الحياة إلا ظواهرها دون النفاذ إلى لبابها ، وإذا كان سطح البحر جميلا وخلابا ورائعا ، فإن الغوص إلى باطنه وقاعة يتيح لنا فرصة أجمل وأكثر روعة ففى باطنه وأعماقه الكنوز والجواهر واللآلئ الثمينة .
ثالثا : الموقف الفلسفى بين الإنسان العادى والفيلسوف :
وجه التمايز الإنسان العادى الفيلسوف
نوع الحكمة يمارس درجة من درجات التفلسف ، لكن تفلسفه يقتصر على تقديم نوع من ( الحكمة العملية ) التى تكون عادة نتيجة تراكم خبراته وثقافته الشعبية . يقدم نوعا من الحكمة تسمى ( بالحكمة النظرية فالفيلسوف يفكر لكى يقدم لنا تحليلا شاملا لمشكلاتنا العامة وليس فقط لمشكلاته الخاصة ، لكى يقدم حلولا شامله لهذه المشكلات .
لغة التعبير يعبر عن حكمته العملية باللغة البسيطة التى يستخدمها فى حديثه اليومى . يعبر عن فلسفته مستخدما المصطلحات الفلسفية الدقيقة .
أسلوب التعبير تقوم الحكمة العملية على التكثيف ( الإختصار ) الشديد للعبارة ، حيث يعبر الحكيم عن خلاصة تجربته الطويلة فى الحياة بعبارة واحدة قصيرة . يمتاز بقدرته الفائقه على التحليل والنظر فى التفاصيل ورد كل الظواهر مهما كانت بسيطة إلى أسبابها ، متجاوزا الأسباب والعلل القريبة إلى الأسباب والعلل البعيدة للظواهر.
مدى الاتساق الحكمة العملية تأتى متفرقة وأحيانا متناقضة مع بعضها البعض . تتميز المذاهب الفلسفية التى يقدمها الفلاسفة :
- بالإحكام العقلى ، الذى يقوم على التنظيم الدقيق للأفكار .
- بالتتابع المنهجى المصحوب عادة بالأدلة والبراهين .
ورغم تلك الفروق التى تبدو بي حكمتنا العملية التى نمارسها فى حياتنا اليومية وبين الحكمة الفلسفية والتى نتمنى أن نوصف بها فإن الفروق تتضاءل إذا التزم كل منا بأن يتعلم من الفيلسوف هذه المميزات الثلاث التى يتمتع بها :
1- أن تستخدم المصطلحات الدقيقة فى التفكير بشرط أن يكون هناك اتفاق عليها ، حيث يستخدم كل منها بمعنى محدد .
2- أن نلتزم بتحليل الأفكار وردها إلى أصولها حتى تكتسب الوضوح المطلوب .
3- أن نعبر عن أفكارنا بطريقة منهجية بحيث تأتى النتائج متسقة مع المقدمات التى نبدأ منها التفكير فى أى موضوع لإزالة أى تناقض فى التفكير بما يجعله واضحا .

رابعا : خصائص الموقف الفلسفى :
للموقف الفلسفى خصائص تميزه عن غيره من المواقف الأخرى ، أهمها أنه :
1- تساؤلى : إنه موقف يستند إلى السؤال الفلسفى الموجه لأنشطة الفكر نحو موضوع ما ، فالفلسفة لا تعطى الجواب النهائى القاطع ، لأن فى الجواب النهائى نهاية الفلسفة ذاتها ، فالفلسفة تضع الأشياء دائما فى صيغة سؤال ، لمحاولة الوصول إلى الحقيقة .
2- تعليق مؤقت للحكم : الفيلسوف يتوقف عن إصدار الحكم طالما افتقرت النتيجة إلى ما يبررها ، وطبيعى أن الأسباب التى يبرر بها الفيلسوف الحكم أو النتيجة أعمق وأشمل مما يقتنع بها الإنسان العادى .
3- يتسم بالبصيرة : يتميز الفيلسوف بأنه يعرف أن الأشياء ليست دائما على ما تبدو عليه ، وإن ما يبدو مهما قد لا يكون كذلك والعكس صحيح وما يبدو ثابتا قد يكون متحركا ، والفيلسوف ليس لديه الاستعداد لقبول الأفكار فى شكلها الظاهرى ، إذ يتحتم عليه التوصل إلى جوهر وحقيقة الشىء .
4- نسقى : بمعنى إنه موقف يسوده الإنسجام ، والنظام ، والتناسق بين مكوناته ، وذلك عكس الفوضى ، والتفكك ، والتناقض .
5- يتميزبحب المعرفة : الفلسفة فى النهاية ما هى إلا سعى نحو المعرفة ، فمن لم يرغب فى المعرفة على اختلاف ميادينها ، فليس من الفلسفة فى شئ ومن قال تخصصى الفلسفة ولا شأن لى بالأدب ، والتاريخ ، والإقتصاد فهو عن الفلسفة غريب .
6- لا يوجد شئ غير قابل للتساؤل : فكل ما لا يثير سؤال يدفع إلى استكانه الفكر ، وكل شىء عند الفيلسوف قابل للتساؤل .
7- يتسم بالدهشة : يرى الفيلسوف كل شئ بشكل مختلف يثير دهشته ، وهو ما يدفعه إلى محاولة الفهم بالتحليل ومحاولة التفسير بالعقل .
8- يتسم باليقظة الدائمة : واليقظة تعنى :
أ‌) القدرة على التمييز وعدم الإنخداع بالظاهر .
ب‌) الوعى المتصل بشتى متطلبات الموقف الفلسفى الأخرى ، خاصة الوعى بالذات المفكرة .
ج) حسن التوقع والإنتظار لما هو جديد أو مؤيد أو معارض للموقف الفلسفى .
د ) القدرة على التفصيل والتمييز بين الرئيسى والفرعى فى الموقف الفلسفى .
9- الموقف الفلسفى يتميز بالتروى والصبر الطويل :
والمقصود أن الشخص المتفلسف هدفه الحقيقة ، ومعرفة هذه الحقيقة تتطلب التأنى والكثير من الوقت لتأمل كل جوانب الموضوع للوصول إليها .
10- المصارحة : يلتزم الفيلسوف بالمصارحة مع الآخرين ، وليس الدافع إلى ذلك فقط هو احترامه للحقيقة فى المعرفة ، ولا احترامه لعقول الأفراد الآخرين ، فقط ، وإنما هو أيضا وقبل كل شئ احترامة للحقيقة ذاتها .
11- الحوار : يعى الفيلسوف مبدأ المساواة بين العقل وعقول الآخرين ، فكل مايقوله قابل للنقد والرد عليه من جانب الآخرين ، وهذا عكس موقف الفنان ، فأثناء القيام بعمله يرفض تدخل أحد فيه ، وحين ينتهى منه يقدمه إلى الجمهور ، ليقول من يريد أن يقول شيئا فيه .
12- الاعتراف بإمكان وقوعه فى الخطأ : الفيلسوف إنسان وذات مفكرة ، ومعرض للوقوع فى الخطأ ، وعند اكتشافه لخطأ وقع فيه ، فإنه يسارع إلى الإعلان عنه تطبيقا لمبدأ المصارحة واحترام عقول الأخرين ، وإعلاء الحقيقة فوق كل شىء .
خامسا : الموقف الفلسفى مرآة الواقع عبر العصور :
لقد عبرت الفلسفة عن اكتشاف الإنسان لنفسه وتساؤله عن ماهيته ، ومن ثم بدأت التساؤلات عن أهم الفضائل التى ينبغى أن يتحلى بها الإنسان ، وأهم المبادئ التى ينبغى أن تتوافر فى المجتمع السياسى حتى يكون مثاليا ، من أجل تقديم الحلول المختلفة للمشكلات التى تتعلق بفهم طبيعة الإنسان ومشاكله خاصة المشكلات الأخلاقية والسياسية والإجتماعية ، وقد تطور الموقف الفلسفى عبر العصور المختلفة كالتالى :
العصر اليونانى العصر الوسيط العصر الحديث العصر الراهن
* جسد مبدأ سقراط
- ( اعرف نفسك )
- طبيعة الموقف الفلسفى فى هذا العصر.
* ويعبر هذا المبدأ عن إكتشاف الإنسان لنفسه وتساؤله عن ماهيته .
* وهذا ما جعل الفلاسفة يقدمون حلولا مختلفة للمشكلات التى تتعلق بفهم طبيعة الإنسان ومشاكله خاصة (المشكلات الأخلاقية والسياسية والإجتماعية) * ظهرت فى العصر الوسيط الديانة المسيحية وبعدها ظهر الإسلام .
* المشكلة التى واجهها الفلاسفة هى كيفية التوفيق بين ما جاءت به الأديان السماوية وبين ما قال به فلاسفة اليونان العقليون ( أمثال : أفلاطون ، وأرسطو )
* قال فلاسفة المسيحية الأولئل إن الفلسفة هى الطريق الملكى للإيمان ، وقدموا تأملاتهم العقلية لآيات الكتاب المقدس للتدليل على أنه لا تناقض هناك بين الفلسفة والدين المسيحى فى جوهره.
* حاول فلاسفة الإسلام إثبات أن ما أتى به الإسلام يتوافق مع العقل ، وأن ما توصل إليه الفلاسفة حول أصل الوجود وطبيعة الإنسان إنما أكدته المبادئ الإسلامية .
* اتخذ فلاسفة الإسلام من ذلك دليلا على عمومية المبادئ الإسلامية وصلاحيتها لكل زمان ومكان ، وذلك لأنه من الحتمى أن ينتهى عقل كل مفكر موضوعى إلى الإيمان بالوجود الإلهى ، وبوحدانية الله ، وضرورة أن يكون هناك ثواب وعقاب فى الآخرة يستند إلى أفعال الإنسان فى الحياة. * كانت الدعوة الأساسية للفلاسفة فى مطلع العصر الحديث الإتجاه إلى مناهج علمية وفكرية جديدة تقود التقدم فى مختلف مجالات الحياة الإنسانية.
* دعوة ( ديكارت ) إلى تجديد الفكر الإنسانى عن طريق اصطناع الشك فى كل شئ حتى يتمكن العقل من قبول الحقيقة على أساس من معيار الوضوح. * تهتم الفلسفة فى العصر الراهان بالقضايا الحياتية المباشرة للانسان مثل الإهتمام بقضايا البيئة والفنون ( مثل : السينما ، المسرح ، الموسيقى ) وقضايا المرأة ، وما يسمى الآن بالفلسفة النسوية ، وقضايا الأخلاق التطبيقية ، كقضايا الإستنساخ والهندسة الوراثية ، لذلك نادت الفلسفة بمراعاة التوازن بين مطالب الإنسان المادية ومطالبة الروحية .
سادسا : تحديات الموقف الفلسفى :
يواجه الموقف الفلسفى العديد من التحديات أهمها :
1- الخضوع للمألوف والمعتاد : يقوم الموقف الفلسفى على الحرية فى التعبير عن الرأى ، وعلى إعادة النظر فى كل ما هو متعارف عليه ، وعلى إمكانية اكتشاف الجديد دوما ، فإذا ما خضع المرء للتقليد ، حاد عن أول الطرق المؤدية إلى الموقف الفلسفى .
2- الخضوع للسلطات : إن العقل الخاضع لسلطة ما أعمى ، فالخضوع للسلطة يفقد صاحبه القدرة على الإستقلال ، وعدم القدرة لعى مجابهة الوجود والإلتزام إزاء الحقيقة .
3- النظرة الأحادية للأمور : والتى تؤدى إلى غياب الروح النقدية ، والقبول للمعتاد والمالوف ، والتسليم لليقين المسبق والجاهز .
4- الإفتقار إلى الشجاعة الفكرية : إن الاستقلال والحرية تفترض الشجاعة الفكرية وتقوم عليها ولا تسير إلا معها ، وإن الرغبة فى المعرفة ومحبة الاستطلاع لهما نتيجة لروح الشجاعة الفكرية .
remove_circleمواضيع مماثلة
avatar
العلم والايمان
رائع جداااااااااااااااااااااااا
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى