مدرس اون لايندخول

سيستم الثانوية العامة.. ثلاث سنوات من معاناة الطلاب ودفاع وزارة التعليم

 سيستم الثانوية العامة.. ثلاث سنوات من معاناة الطلاب ودفاع وزارة التعليم 0010237
 سيستم الثانوية العامة
———————
- تدافع وزارة التعليم عن الامتحانات الإلكترونية، بكونها أفضل طريقة لتحقيق تقييم عادل بين الطلاب، بعيدا عن التدخلات البشرية، والحقيقة، أنها قررت نجاح كل طالب أخفق في الدخول على منصة الامتحانات ليتساوى مع زميله الذي ذاكر واجتهد واستعد بشكل جاد، تساوى من امتحن بمن لم يمتحن، وهو ما ينسف فكرة التقييم العادل بين الطلاب.
- تدافع وزارة التعليم عن الامتحانات الإلكترونية، بكونها الوسيلة الأمثل لمنع الغش والتسريب في الثانوية العامة، والحقيقة، أن صفحات "فيسبوك" صارت دليلا دامغا على أن الغش والتسريب مستمر، فهناك طلبة استطاعت تنزيل تطبيقي "واتس آب" و"تيليجرام" على أجهزة التابلت، ومن خلالهما يتم التواصل مع بعضهم، أو مع بعض المعلمين وهم داخل اللجان.
- إن كانت وزارة التعليم لديها مبرراتها في الدفاع عن الامتحانات الإلكترونية ونفي وقوع السيستم، فإن هناك مبررات أكثر واقعية لدى الكثير من الطلاب وأولياء الأمور، يجب التعاطي معها ودراستها، لا تجاهلها أو نفيها، حتى لا تتكرر نفس مشاهد "السقوط" التي تحدث منذ ثلاث سنوات بنفس الصورة تقريبا وقد تحدث في شهادة الثانوية العامة، فالناس لا تقاوم التغيير ولا التطوير، بل تقاوم الإخفاق من أجل الإصلاح، وتقاوم السقوط من أجل النجاح العادل.


أحمد حافظ

لليوم الثاني على التوالي، تعرض عدد من طلاب الصف الثاني الثانوي العام، لمشكلات تقنية مرتبطة بصعوبة الدخول على منصة الامتحانات، في مشهد تكرر بالأمس، مع طلبة الصف الأول الثانوي، رغم تأكيدات وزارة التربية والتعليم أن ما حدث مشكلة عابرة جرى التعامل معها بجدية، ورغم أن أعطال اليوم أقل من الأمس.

ما جرى اليوم، حسب روايات بعض الطلاب، تحدثت معهم "بوابة الأهرام"، أنهم لم يتمكنوا من الدخول على منصة الامتحان من خلال شبكة "الواي فاي" الخاصة بالمدرسة، وفشلوا أيضا في الدخول من خلال شريحة الإنترنت الموجودة بالجهاز، فاستعانوا بـ "واي فاي" الأجهزة المحمولة.

ما يلفت الانتباه، أن دخول الطلاب على منصة الامتحان من خلال توصيل الأجهزة بـ "واي فاي المحمول"، مخالفا لتعليمات وزارة التعليم، التي حظرت اصطحاب الطلاب للهواتف المحمولة، وطالبت المعلمين بتحرير محاضر غش لكل من يثبت معه الهاتف، والمفارقة أن ما حدث كان بموافقة المراقبين باللجان.

صحيح أن وزارة التعليم تحدثت في بيانها الرسمي عن نجاح أكثر من 98% من الطلاب في الدخول على منصة الامتحانات اليوم، وحوالي 90% بالأمس، لكنها لم تتحدث عن أن هذا العدد دخل على المنصة في أوقات مختلفة، وليس في الوقت المحدد لكل امتحان.

ورغم تقسيم دخول الطلاب إلى الامتحان على مرحلتين حسب المحافظات، لكن كانت هناك مشكلات تقنية لشريحة من الطلاب اليوم، ارتبطت بعدم استطاعتهم الدخول على المنصة، ما يعني أن الأزمة ليست في تكدس الأعداد، بل في "السيستم" نفسه، بغض النظر عن عدد الطلاب.

إذا كانت وزارة التعليم دافعت عن موقفها بالأمس، وقالت إن المنصة لم تتحمل مئات الآلاف من الطلاب في توقيت واحد، فإن ذلك يطرح سؤالا منطقيا: ولماذا وجد بعض الطلاب صعوبات بالغة في فتح المنصة في اليوم الثاني رغم تخفيف الأعداد بعد تقسيم المحافظات إلى شريحتين؟

ما يثير معاناة  الكثير من الطلاب وأولياء الأمور، أن المبررات بشأن التمسك بالامتحانات الإلكترونية، بدت غير موجودة، وغير واقعية، وهو ما جعل شريحة كبيرة من الأهالي تبدو أكثر امتعاضا من فرض سياسة الأمر الواقع.

أولا: تدافع وزارة التعليم عن الامتحانات الإلكترونية، بكونها أفضل طريقة لتحقيق تقييم عادل بين الطلاب، بعيدا عن التدخلات البشرية، والحقيقة، أنها قررت نجاح كل طالب أخفق في الدخول على منصة الامتحانات ليتساوى مع زميله الذي ذاكر واجتهد واستعد بشكل جاد، تساوى من امتحن بمن لم يمتحن، وهو ما ينسف فكرة التقييم العادل بين الطلاب، حتى لو كان ذلك حدث في امتحان واحد (العربي والأحياء).

ثانيا: تدافع وزارة التعليم عن الامتحانات الإلكترونية، بكونها الوسيلة الأمثل لمنع الغش والتسريب في الثانوية العامة، والحقيقة، أن صفحات "فيسبوك" صارت دليلا دامغا على أن الغش والتسريب مستمر، فهناك طلبة استطاعت تنزيل تطبيقي "واتس آب" و"تيليجرام" على أجهزة التابلت، ومن خلالهما يتم التواصل مع بعضهم، أو مع بعض المعلمين وهم داخل اللجان، مع أن التابلت يفترض أنه لا يقبل مثل هذه التطبيقات الاجتماعية.

ثالثا: هناك من يربط بين الارتباك الذي حدث في أول يومين للامتحانات، مع ما يمكن حدوثه في الامتحانات الإلكترونية للشهادة الثانوية في يونيو المقبل، في ظل تمسك وزارة التعليم بأن تكون عبر أجهزة التابلت وليست ورقية، ورغم تأكيد وزير التعليم أن هناك فارق بين الإثنين، و"سيستم" الثانوية العامة سيكون مختلف عن "سيستم" الصفين الأول والثاني الثانوي، لكن في النهاية تظل فكرة الامتحان الإلكتروني مثيرة للريبة والخوف من تكرار مشاهد وسيناريوهات ووقائع "لن يُقبل فيها الخطأ"، لأن الأمر وقتها سيكون مرتبطا بامتحانات شهادة عامة وقومية، وليس امتحانات نقل.

وحتى لو تم الإقرار بأن امتحانات الشهادة الثانوية ستكون إلكترونية لجميع الطلاب، فماذا عن الـ100 ألف طالب الراسبون والمنازل وهؤلاء ليس بحوزتهم أجهزة تابلت، ولم يتدربوا على شكل الأسئلة الجديدة، مع أن وزارة التعليم وعدتهم من العام الماضي، بأنهم لو اختاروا البقاء للإعادة لخوفهم من كورونا، سوف يتم امتحانهم ورقيا وبنظام الأسئلة القديمة، كيف سيتم امتحانهم إلكترونيا ولم يتدربوا من قبل عليها.

الأهم، أن الامتحانات الإلكترونية التي تتحدث عنها وزارة التعليم للشهادة الثانوية في يونيو، لم تكشف عن هويتها بعد، وكيف سيتم تأمين السيستم الخاص بها من السقوط، وما الضمانة الحقيقية لعدم تكرار ما حدث في امتحانات الصفين الأول والثاني الثانوي، وحتى لو فتح السيستم، وأٌغلق بشكل مفاجئ، ما مصير الإجابات، وكيف سيتم القضاء على الغش والتسريب وبعض الأجهزة عليها تطبيقات مثل "تليجرام" تتيح الغش بسهولة.

يقول الكثير من أولياء الأمور، الذين تحدثت معهم "بوابة الأهرام"، إن الأهالي لا ترفض الامتحانات الإلكترونية بدون أسباب، لكن كل معترض لديه مبرراته المنطقية والواقعية، ولا أحد يرفض تطوير منظومة الامتحانات، لكن التسرع في التطبيق بدون وضع حد لمشكلات تقنية تتكرر منذ ثلاث سنوات، من الطبيعي أن يجعل هناك أصوات ممتعضة ومتخوفة تطالب بالامتحانات الورقية، إلى حين حل المشكلات التقنية في المنظومة الإلكترونية.

هناك أصوات أخرى تسأل عن جدوى التمسك بامتحانات التابلت، إذا كانت وزارة التعليم نفسها تقول إن "التابلت ليس أساس التطوير، بل مجرد أداة للامتحان على الأسئلة التي تقيس الفهم ونواتج التعلم"، وبالتالي: إذا كان الهدف الأهم، وجود أسئلة بطريقة جديدة تخاطب الفهم وليس الحفظ، لماذا لا تكون هذه الأسئلة ورقية، طالما أن "الورقي" سيحقق نفس غرض "الإلكتروني"، في امتحان الطالب بأسئلة فهم.

بالتالي، فإن كانت وزارة التعليم لديها مبرراتها في الدفاع عن الامتحانات الإلكترونية ونفي وقوع السيستم، فإن هناك مبررات أكثر واقعية لدى الكثير من الطلاب وأولياء الأمور، يجب التعاطي معها ودراستها، لا تجاهلها أو نفيها، حتى لا تتكرر نفس مشاهد "السقوط" التي تحدث منذ ثلاث سنوات بنفس الصورة تقريبا، فالناس لا تقاوم التغيير ولا التطوير، بل تقاوم الإخفاق من أجل الإصلاح، وتقاوم السقوط من أجل النجاح العادل.
بوابة الاهرام
remove_circleمواضيع مماثلة
لا يوجد حالياً أي تعليق
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى