مدرس اون لايندخول

أبطال في انفجار معهد الأورام.. "مسعف وممرضة وعاملة مطبخ"

أبطال في انفجار معهد الأورام.. "مسعف وممرضة وعاملة مطبخ" 20190810
العرق يتصبب من أجبنهم، إيديهم ترتعش بسبب الإجهاد، أكثر من 16 ساعة من العمل المتواصل، لا يستطيعون التوقف لحظة واحدة لاتقاط أنفاسهم، فرغم أنهم ليسوا متصدرين المشهد إعلاميًا، إلا أن المسئولية بأكلمها ملقاة على أكتافهم.

هم الجنود المجهولون في حادث الانفجار الذي وقع بالأمس أمام معهد الأورام في منطقة فم الخليج، وأعلنت الداخلية أنه حادث إرهابي تم عن طريق سيارة مفخخة، اصطدم بسيارتين ميكروباص وانفجرت أمام المعهد وطالت أجزاء منه.

رغم بشاعة الحادث، وهول الموقف وفزعته، إلا أن هناك أشخاصا مثلوا ملاحم وبطولات في أماكنهم، بسبب ما قاموا به من أعمال إنسانية وقت الحادث، لم يكن لديهم أي هدف سوى إنقاء أرواح أكثر، وتقليل أعداد الوفيات.

«مسعف وممرضة وعاملة مطبخ»، قصص خاصة كانت سببًا قويًا في خفض أعداد الوفيات، فكل منهم حمل شهادة ومواقف إنسانية مختلفة تستحق أن تسجل، فهم أبطال في مستشفى قصر العيني.

المسعف «فارس» حمل أشلاء وليست جثثا
على أعتاب قصر العيني، دخل «مصطفى فارس» مهرولًا يحمل هو وزملاؤه عددا من الضحايا، الذين كانوا يلفظون أنفاسهم الأخيرة، ورغم ذلك لم ييأس من حملهم على أكتافه، بسبب قلة سيارات الإسعاف.
«حملت جثث شبه محترقة، كان لديّ أمل في إسعافهم»، يقولها المسعف مؤكدًا أنه بمجرد الوصول إلى أعتاب المستشفى لفظوا أنفاسهم الأخيرة وكانوا ثلاثة.

بدأ الحادث، وقتما كان «فارس» في نبطشيته بقصر العيني، وسمع دويّ أجهزة الإنذار، فعلم برفقة زملائه بأن هناك كارثة حلّت قريبة، وحين جاءهم إخطار بالحادث، تحركوا جميعًا إليه، ليجدوا الجثث تفترش الأرض محاطة بدماء ونيران.

موقف واحد لم يغب عن ذهن المسعف، لتأثيره القوي فيه، وهو صراخ طفلة لم تبلغ عامها العاشر تنادي بكلمات: «أين أمي؟»، وكان حولها عدد من المواطنين تأثروا بندائها، وكان هو وزميله في اتجاههم للإسعاف حاملين أحد المصابين في حالة خطيرة فلم يستطيع مساعدتها، وظل نداؤها يتردد في ذهنه.

العاملة رشا تمنع الموت وخراب الديار في حادث الأورام
في الوقت الذي كان يحاول فيه «فارس» إنقاذ الضحايا، كانت «رشا» 27 عامًا، تهرول للحاق بآخر عربة ميكروباص في موقف بنها، بعدما جاءها إخطار من معهد الأورام بالحادث، فهي عاملة داخل المطبخ الخاص به.

كان كل ما يدور في ذهنها وقتها الأطفال، الذين لا ذنب لهم ولا جريرة في الأمر، سوى أنهم يعالجون في ذلك المكان، لاسيما أنهم بالتأكيد هرولوا برفقة ذويهم هربًا من نيران الجحيم، ونسى الجميع كل حاجاتهم الخاصة من أموال وملابس داخل المعهد.

ذوو الأطفال يجلبون حاجتهم في خزانات المعهد لمكوثهم لأيام برفقة أبنائهم، إلا أنهم في سرعة الموقف تناسوها: «لم أصل سوى الصباح، حتى أجلب أشياءهم وأموالهم، كي لا يكون الأمر بمثابة موت خراب ديار لهم».

جاءت متأخرة، بحسب قولها، كان المعهد خاليًا إلا من تحركات خفيفة، صعدت إلى حيث الخزانات، وملأت الشنط والأكياس التي جلبتها من بلدتها بحاجات المرضى، وأسرعت تطوف على المستشفيات التي نقل إليها المصابون، لتعطي ذويهم حاجاتهم الخاصة.

قامت «رشا» بذلك العمل المضني، رغم سفرها لساعات طويلة، وطوافها على المستشفيات الموجودة في أماكن مختلفة، وعلّمها بأن صديقها «محمود» عامل بالمعهد توفى إثر سقوط المصعد به بسبب هرولة المرضى.

الممرضة أماني ملاك الرحمة تداوي جراح الجميع
كانت «أماني محمد»، أحد أفراد طاقم تمريض الطوارئ بمستشفى القصر العيني الفرنساوي، في ذلك الوقت تهرع هنا وهناك، بين حجرات المستشفى المختلفة، التي تم حجز المصابين بها، لتداوي جروح هذا، وتسكت أوجاع تلك.

«كنا نحمل المرضى على أكتافنا»، المشهد ربما يصعب استيعابه بالعقل البشري، لكن الإنسانية حتمت عليهم فعل ذلك، لاسيما أن هناك أهالي لم يكونوا يعرفون أين ذويهم من هول الصدمة، وهو موقف لن تنساه الفتاة والتي شكت أنهم فقدوا ذاكرتهم.

علامات من التعب والإرهاق، تظهر على وجوه الممرضين عقب تلك الليلة الدامية، بحسب وصف «أماني»، فالجميع لا يشعر بجسده من شدة الإجهاد، وترحالهم بين المرضى طوال الليل، حتى شق نور الصباح السماء دون راحة.

هذا الخبر منقول من : الدستور
remove_circleمواضيع مماثلة
لا يوجد حالياً أي تعليق
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى