مدرس اون لايندخول

التعليم تحت الوصاية الأجنبية.. قرض الـ«500» مليون دولار يمنح البنك الدولي صلاحيات خطيرة

التعليم تحت الوصاية الأجنبية.. قرض الـ«500» مليون دولار يمنح البنك الدولي صلاحيات خطيرة 2174
فيتو:

«ظاهره تطوير وباطنه تدمير».. القراءة المتأنية للوثائق التي تتحدث عن تفاصيل مشروع دعم إصلاح التعليم في مصر، الذي يدعمه البنك الدولي بنصف مليار دولار، تؤكد هذا الأمر، ليس هذا فحسب، لكنها تشير إلى أن الأوضاع داخل وزارة التربية والتعليم تسير عكس الاتجاه، ولا تتفق والتصريحات التي تخرج من جانب قيادات الوزارة، الخاصة بتطوير التعليم بما يتناسب مع الرؤية المصرية، لا سيما أن الـ«نصف مليار دولار» التي يسهم بها البنك الدولي في المشروع، منحته صلاحيات عدة، لا يمكن التغاضي عنها أو تجاهلها، لا سيما أن صلاحيات تؤكد أن البنك الدولي أصبح مسئولا بشكل كبير عن تطوير التعليم المصري بما يتناسب ورؤيته هو وليس رؤية البلد التي طلبت مشاركته.

الوثائق الخاصة
بمشروع دعم إصلاح التعليم في مصر، تشير إلى أن المشروع يهدف إلى تحسين ظروف التدريس والتعلم في المدارس الحكومية، ويتكلف المشروع وفقًا لما هو معلن ملياري دولار، تتكلف الدولة مليار ونصف المليار دولار، ويمول البنك الدولي المشروع بنصف مليار دولار تُنفق على مدار ست سنوات وهي أموال تقدم في صورة قرض وليس منحة، ويبدأ صرف القرض مع العام الأول لتنفيذ المشروع المقرر له 2018 /2019 بواقع 80 مليون دولار، ثم يرتفع المبلغ في العام التالي 2019 /2020 إلى 110 ملايين دولار، وفي العام الثالث 2020/2021 يُصرف 100 مليون دولار، وفي العام الرابع 2021/2022 يُصرف 80 مليون دولار، وفي العام الخامس 2022 /2023 يتم صرف 80 مليون دولار، وفي العام السادس 2023 /2024 يصرف مبلغ 50 مليون دولار بإجمالي 500 مليون دولار وهي تعادل نحو 9 مليارات جنيه بسعر صرف العملة الحالي دون احتساب سعر صرف العملة في المستقبل.

البنك الدولي يولي قرض مشروع دعم إصلاح التعليم المصري اهتمامًا كبيرًا، حيث يتكون فريق العمل في المشروع من البنك الدولي من رئيسين للمشروع هما خوان مانويل مورينو أولميديلا ووظيفته رئيس للفريق متخذ قرار، ومعه أميرة محمد إبراهيم كاظم رئيسة للفريق، وقد جاءت في وثيقة البنك الدولي عدة إشارات تؤكد أن دور البنك الدولي لا يقتصر على دفع القرض، إنما سيكون موجودا بصورة قوية في التنفيذ.

فقد ورد في الصفحة رقم (V) من وثيقة البنك الدولي المعنونة بـ«وثيقة التقييم المسبق للمشروع» أن المقترض من خلال وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني قبل البدء بتنفيذ المشروع سيقوم بإنشاء لجنة تسيير المشروع على أن يتم تشكيلها وتحديد مهامها واختصاصاتها ومواردها على نحو يقبله البنك الدولي، وبالاحتفاظ بهذه اللجنة بعد ذلك طوال مدة تنفيذ المشروع، وتحقيقًا لهذه الغاية، يجب أن يرأس تلك اللجنة ممثل عن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وأن تضم ممثلين عن وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، ووزارة المالية، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأية وزارات أخرى يحددها دليل عمليات المشروع، وهذا الأمر يعني أن البنك الدولي لا بد أن يوافق على أعضاء لجنة تسيير المشروع، وهذا الأمر يطرح تساؤلًا هل ستقدم الوزارة ملفًا كاملًا عن كل شخصية مرشحة للعمل في اللجنة أنه سيتم اختيار أشخاص بعينهم معروفين لدى البنك الدولي من أجل العمل في اللجنة.

الملحق (ب) من الوثيقة، الذي يبدأ من الصفحة رقم 43 إلى الصفحة رقم 48 والمعنون بـ«ترتيبات التنفيذ»، يوضح مهام لجنة تسيير المشروع، فهي اللجنة المسئولة عن: تحديد التوجه الإستراتيجي العام لتنفيذ المشروع والإشراف عليه في سياق البرنامج العام لإصلاح التعليم، وستتولى مراجعة سير العمل في المشروع، والموافقة على خطط العمل السنوية، والمساعدة في حل أي مشكلات مهمة قد تنشأ فيما يتعلق بالتنفيذ.

ويرأس هذه اللجنة مسئول رفيع في وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني يعينه الوزير على أساس التناوب، وتضم سكرتارية لضمان انتظام عمل اللجنة. وتتألف اللجنة من 5 إلى 7 أعضاء، منهم مدير وحدة تنسيق المشروع (بحكم منصبه)، وممثل واحد عن كل من وزارة التربية والتعليم والتعليم، والمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، ووزارة الاستثمار والتعاون الدولي، ووزارة المالية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزارات أخرى.

تدخل البنك الدولي لا ينتهي عند هذا الحد.. فقد ورد في الفقرة الثانية من الصفحة ذاتها أنه : يلتزم المقترض قبل تنفيذ المشروع بإنشاء وحدة تنسيق للمشروع على أن يلقى جهاز موظفيها ومهامها واختصاصاتها قبولًا من البنك الدولي، وبالاحتفاظ بهذه الوحدة بعد ذلك طوال مدة تنفيذ المشروع، ولهذه الغاية ستكون وحدة تنسيق المشروع مسئولة عن الإشراف الفني على المشروع وتنفيذه لضمان أن يحقق المشروع كل أهدافه ومنها (1) الإدارة الكلية لتنفيذ المشروع وتنسيقه ورفع تقارير عنه ومتابعته وتقييمه، (2) الجوانب المالية والتعاقدية للتنفيذ ومنها إدارة الشئون المالية، والتوريدات ( المشتريات والتعاقدات) (3) تقديم الدعم الفني للجنة تسيير المشروع؛ (4) تعيين جهات التحقيق والتواصل معها.

وفي هذا الجانب هناك عدد من الأسئلة المهمة التي تحتاج إلى إجابات شافية، إذا كانت وحدة تنسيق المشروع هي التي ستتولى إدارة المشروع كلية وفقًا لما هو مذكور – وذلك بعد موافقة البنك الدولي- فما الدور الذي ستقوم به الأجهزة والإدارات التابعة للوزارة حاليا في هذا المشروع؟.. وهل يعني هذا أن تلك الجهات ستكون مسئولة عن منظومة التعليم القديمة فقط ولن تدخل في شيء يخص المنظومة الجديدة؟ وهل يعني هذا أنه سيتم تشكيل وحدات أو إدارات جديدة للمشتريات والتعاقدات والشئون المالية بدلًا من القائمة بالفعل؟.. وهل يعني ذلك فقدان الثقة في القائمين على الأمور حاليًا؟.. أم يعني أنهم لن يكون لهم تواجد في المستقبل وأن ذلك بداية لتغييرات جذرية في الهيكل الإداري والتنظيمي للوزارة؟ ثم كيف نضمن أن توضع كل هذه الأسرار لدى أشخاص شريطة تواجدهم أن يقبلهم البنك الدولي وليس جهة مصرية؟

ما يزيد من أهمية وحتمية التساؤلات السابقة، ما ورد في (الملحق ب : ترتيبات التنفيذ)، حيث ذكر الملحق في الصفحة رقم 43، أن مهمة تلك الوحدة هو التنسيق الشامل لأنشطة المشروع، ومنها التواصل مع المديريات التعليمية/هيئات إدارات التنفيذ التابعة للوزارة، والمتابعة والتقييم، ويشمل ذلك تعيين جهة للتحقق والتواصل معها من أجل التحقق من المؤشرات المرتبطة بالصرف، ووظائف الإدارة المالية وإدارة التوريدات والتعاقدات. وتضم قائمة موظفي وحدة تنسيق المشروع: مديرًا للمشروع، ومديرًا مشاركًا للمتابعة والتقييم، ومسئولًا فنيًا للمتابعة والتقييم (حسب الحاجة)، وتتولى وحدة تنسيق المشروع وظيفة إدارة التوريدات والتعاقدات والإدارة المالية إما من خلال شركة أو فرد، وتشمل الوحدة الوحدة أيضًا على موظفين للإدارة المالية ومحاسب، وأربعة منسقين فنيين في مجالات التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة والتطوير المهني للمعلمين والقيادات التربوية، وتقييم أداء الطلاب، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم، ويعمل موظفي وحدة تنسيق المشروع بنظام الدوام الكامل.

فهل تحتاج وزارة تضم إدارة مركزية للمتابعة وتقييم الأداء بها عدد كبير من الموظفين المسئولين عن متابعة الأداء في المدارس ولها مقابل في المديريات والإدارات التعليمية، وأيضًا تمتلك إدارة مركزية للشئون المالية، وإدارة عامة للتعاقدات والتوريدات، وجميع الاختصاصات المذكورة لها كيانات تديرها بالفعل، فهل تتخلى الوزارة عن كل هذا، وتعتمد على الوحدة المذكورة، ثم ماذا يعني أن الإدارة المالية للمشروع في هذه الوحدة قد تكون من خلال شخص أو شركة؟ هل يمكن أن تتعاقد تلك الوحدة مع شركة من القطاع الخاص للقيام بهذه العملية؟ وإذا حدث ذلك هل يكون ذلك بابًا جديدًا من أبواب الفساد في العملية التعليمية؟

ما يعضد التساؤلات حول مدى تدخل البنك الدولي في إدارة التعليم المصري خلال الفترة المقبلة، ما جاء في (الملحق ج : خطة دعم التنفيذ)، حيث وردت إستراتيجية ونهج دعم التنفيذ في 5 بنود وهي:

أولًا: سيقدم فريق البنك الدولي دعمًا متواصلًا للتنفيذ خلال مدة المشروع، وسيسهل هذا التشخيص المبكر للمشكلات والتحديات، ويمكن البنك من تقديم الدعم الملائم في الوقت المناسب للمقترض بما يكفل بقاء تنفيذ المشروع في مساره الصحيح، وستجري زيارات منظمة لدعم التنفيذ مرتين على الأقل سنويًا، وذلك بهدف «استعراض التنفيذ، وتحديد التعديلات اللازمة والاتفاق عليها، وتحديث تقارير البنك الداخلية عن وضع المشروع».

ثانيًا: وسيُدعم موظفون مقرهم في البلد المعني (مصر)، ومنهم الرئيس المشارك لفريق العمل وموظفو التوريدات والتعاقدات والإدارة المالية وموظفو الإجراءات الوقائية- وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في معالجة المشكلات الفنية والمالية والتعاقدية عند ظهورها، ومن المتوقع أن يعقد فريق عمل البنك اجتماعات شهرية مع وحدة تنسيق المشروع ( وربما بشكل أكثر تكرارًا أثناء الشهور الاثنى عشرة إلى الثمانية عشرة الأولى من تنفيذ المشروع).

ثالثًا: بالإضافة إلى المراجعة المسبقة للتوريدات، سينفذ البنك الدولي بعثتي إشراف اثنتين على الأقل لدعم التنفيذ سنويًا، منها مراجعة لاحقة للتوريدات ستغطي 10% على الأقل من التعاقدات التي تمت ترسيتها خلال فترة المراجعة.

رابعًا: بالنظر إلى مركزية مهام المتابعة والتقييم في هذا المشروع، سيقدم فريق البنك دعمًا واسعًا في المتابعة والتقييم للمدير المشارك لوحدة تنسيق المشروع وموظف المتابعة والتقييم لضمان التتبع الدقيق أولًا بأول للأنشطة والعمليات، والتنبيه في الوقت المناسب على المشكلات لضمان اتخاذ تدابير تخفيف المخاطر.

خامسًا: يولي البنك عناية خاصة لنتائج تقييم موظفي وحدة تنسيق المشروع بغرض الحد من القضايا غير المرضية المرتبطة بالموظفين، وذلك وفقًا للمهام والصلاحيات المتفق عليها وبالتنسيق الوثيق مع لجنة التسيير.

هذه الإستراتيجية تؤكد حجم تدخل البنك الدولي في إدارة عملية التعليم الخاصة بمنظومة التعليم الجديدة، وتكشف إلى أي مدى سوف تكون المعلومات الخاصة بالعملية التعليمية متاحة لدى المسئولين والموظفين التابعين للبنك الدولي.

كما تكشف وثائق المشروع الصادرة عن البنك الدولي أن الوزارة بصدد إنشاء واستحداث عدد من الإدارات والهيئات لم يكن موجودا، في حين أن هناك نظائر لبعض الإدارات المراد استحداثها، ولم توضح الوزارة إلى الآن الأسباب الحقيقية الداعية لاستحداث تلك الهيئات، وهل هي من بنات أفكار مسئولي التربية والتعليم أم هي مقترحة من قبل مسئولي البنك الدولي. وتفصيل تلك الجهات كما ورد في في ملحق ترتيبات التنفيذ كالتالي:

«وحدة التطوير المهني ».. تمتلك وزارة التربية والتعليم الأكاديمية المهنية للمعلم، التي نص عليها القانون 155 لسنة 2007." وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 129 لسنة 2008 بتنظيم أكاديمية المعلم، وبجانب الأكاديمية هناك الإدارة المركزية للتدريب التابعة للوزارة، والجهتان مسئولتان عن التدريبات التي تعقدها الوزارة بجانب بعض الإدارات الأخرى التي تنفذ أعمال تدريب للمنسوبين لها وفق احتياجات عملها.

غير أن الواقع يشير إلى أن الأكاديمية وجهات التدريب ومراكز التدريب التابعة للوزارة تعاني مشكلات عديدة وتواجه تحديات ضخمة؛ لكن هل يعني علاج ذلك هو الاتجاه لإنشاء وحدة جديدة تحت مسمى وحدة التطوير المهني المستمر، التي تنص وثيقة البنك الدولي أنها ستنشأ لإضفاء الصبغة المؤسسية على مختلف تدخلات التطوير المهني المستمر في الوزارة، وستتولى هذه الوحدة تنفيذ خطة الارتقاء بفاعلية المعلمين والقيادات التربوية، وهو ما يعرف بالمكون رقم 2 من مكونات المشروع.

«المركز الوطني للاختبارات».. يهدف مشروع دعم إصلاح التعليم المصري إلى تحويل المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي إلى مركز وطني للاختبارات والامتحانات، على أن يكون مكتفيًا بذاته من الناحيتين الفنية والمالية لإدارة نظام الاختبارات والامتحانات برمته في التعليم قبل الجامعي، وبذلك سيتم إعادة هيكلة المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي من أجل تعديل برنامج عمله، وتعزيز قدرته كمركز للتقييم المهني مع التركيز على الامتحانات والاختبارات.

وتذكر الوثيقة في (الملحق أ: الوصف التفصيلي للمشروع) أن إعادة هيكلة المركز هي أشد تحد يواجه الوزارة في تلك المرحلة، وأن المستهدف هو بناء قدرات المركز في 4 مجالات هي: تصميم الامتحانات، والأمن والخدمات اللوجستية بما في ذلك إيصال الامتحانات للطلاب والمراقبة أثناء إجرائها، ووضع وتحديد الدرجات وإدارة التقييم باستخدام الحاسب الآلي، والتحليل وإعداد التقارير.

ووفقًا لما جاء في الصفحة رقم 40 من الوثيقة فإن المشروع في هذه الجزئية يستهدف تقديم تدريب طويل الأمد للمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي وفي القوت نفسه دعم تعيين موظفين جدد أكفاء في مجالات مثل إعداد أوراق الامتحانات، وبنوك الأسئلة، وتحليل نتائج الطلاب، وتوحيد الامتحانات، وموثوقية وضع الدرجات، وتعزيز الأمن، والبحث الموضوعي في جوانب احتساب الدرجات، والتواصل الفاعل ونشر بيانات التقييم بين مختلف الجهات المستهدفة من كبار واضعي السياسات إلى منظمات المجتمع المدني ومن الإداريين التعليميين إلى المدارس والممارسين.

«هيئة جديدة لتكنولوجيا التعليم».. ورد في الصفحة رقم 43 من وثيقة البنك الدولي أنه " سيتم إنشاء هيئة جديدة لتكنولوجيا التعليم لتسهيل وإدارة تعميم وصيانة البنية التحتية الرقمية ومنصة دعم القرار التعليمي والإشراف والرقابة على ذلك. وستشرف الهيئة الجديدة على أنشطة بناء القدرات لموظفي الوزارة من الكوادر التعليمية وغير التعليمية على كل مستويات قطاع التعليم. وقد اتخذت وزارة التربية والتعليم بالفعل خطوات أولية لإنشاء هذه الهيئة بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

والسؤال هنا هل نحن بالفعل بحاجة إلى إنشاء مثل تلك الهيئة؟.. مع الأخذ في الاعتبار أن وزارة لديها قطاع كامل للتطوير التكنولوجي، يضم إدارات مركزية وعدد من الإدارات العامة في مجال التعليم الإلكتروني، والتعليم الديجيتال ومراكز التطوير التكنولوجي، وإدارة عامة للمراكز الاستكشافية للعلوم، يتم تجاهل كل هذا ويتقرر إنشاء هيئة جديدة لتكنولجيا التعليم، رغم أن ما ورد في الاختصاصات التي ستوقم بها هي تقريبًا نفس الاختصاصات التي تقوم بها الإدارات الموجودة بالفعل.

وهناك تساؤلات أخرى تفرض نفسها – وبقوة- في هذا الصدد.. حول وظيفة الهيئة تلك.. هل ستعمل بعيدًا عن تبعية القطاع؟ أم ستكون تابعة لرئيس قطاع التطوير التكنولوجي؟ أسئلة كثيرة تتطلب إجابات شافية، وإذا كانت الوزارة تجد قصورًا في عمل تلك الإدارات فعليها معالجة هذا القصور، وليس التضحية بكل ذلك، لا سيما أنه يوجد مئات الموظفين العاملين في تلك الإدارات فهل سيتحول هؤلاء إلى عبء على الدولة أم يجب مواجهة التحدي ورفع كفاءتهم بالشكل الأمثل؟

«رياض الأطفال.. الأمل والتحدي»

المكون الأول لمنظومة التعليم الجديدة، هو تطوير التعليم في مرحلة رياض الأطفال، والتكلفة المرصودة لذلك المكون 100 مليون دولار أي ما يعادل مليار و800 مليون جنيه تقريبًا، وفقًا لتقارير رسمية فإن نسبة الأطفال الملتحقين برياض الأطفال تبلغ نحو 31% فقط من إجمالي عدد الأطفال في سن من 4 إلى أقل من 6 سنوات، ما يعني أن هناك نحو 69% من الأطفال في تلك المرحلة العمرية خارج رياض الأطفال. وفي وثيقة البنك الدولي ذكر ( الملحق د : المؤشرات المرتبطة بالصرف) أن المستهدف فذلك المكون هو زيادة الملتحقين برياض الأطفال خلال السنوات الخمس القادمة بنحو نصف مليون طفل، وإذا كان عدد الأطفال الملتحقين حاليًا برياض الأطفال يبلغ مليون و244 ألفًا و52 طفلًا، فإنه من المفترض أن يصل هذا العدد بعد خمس سنوات إلى مليون و744 ألفا و52 طفلًا، وإذا علمنا أن عدد المواليد في تزايد فإن هذا الرقم يصبح قليل إذا ما تم قياسه بعدد الأطفال الذين ليس لهم أماكن ولن يكون لهم أماكن للالتحاق برياض الأطفال.

وبعد قراءة الأرقام السابقة.. يبرز تساؤل هل سيتم احتساب السلم التعليمي في المنظومة الجديدة بدءًا من كي جي1، أم سيتم احتسابه بدءًا من الصف الأول الابتدائي كما الحال حاليًا؟.. وفي حالة احتساب السلم التعليمي من كي جي1 فإن ذلك يعني أن منظومة المناهج الجديدة سوف تبدأ من مرحلة الكي جي، مع الأخذ في الاعتبار أن الخبراء في مجال التعليم يعلمون ويدركون أن المدارس الحكومية لا تستوعب سوى 31% فقط من الأطفال في المرحلة العمرية من 4 إلى أقل من 6 سنوات يلتحقون بمرحلة رياض الأطفال (كي جي) ما يعني أن نسبة 69% من الأطفال لن يحصلوا المعارف التي سيحصلها الملتحقين بمرحلة رياض الأطفال، وبالتالي سيكون أقرانهم قد سبقوهم في مصفوفة المدى والتتابع، وإذا كانت الوزارة ستظل باقية على السلم التعليمي بوضعه الحالي وأنه سيبدأ من الصف الأول الابتدائي، فهذا يعني أن مرحلة رياض الأطفال ستظل مرحلة «لا صفية»، وبالتالي سيكون غير منطقيًا الحديث عن بناء مناهج لرياض الأطفال لأن المرحلة «الـلاصفية» لا يكون لها منهجا دراسيًا كما هو متعارف عليه، وهذه الفرضية مستبعدة بسبب الخريطة الزمنية التي أعلنتها وزارة التربية والتعليم للعام الدراسي المقبل بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي، والتي تحدد زمنًا دراسيًا لمناهج رياض الأطفال.

من جهتها، أكدت مصادر بديوان عام وزارة التربية والتعليم أن نظام التعليم الجديد سيحدث تغييرات جذرية في شكل القيادة بالوزارة، وتوقعت أن يتم الإطاحة بعدد كبير من قيادات الصف الأول والثاني والاعتماد على وجوه جديدة تنفذ السياسة المطلوبة، لافتة إلى أنه من المؤكد أن "البنك الدولي سيكون له تواجد بشكل كبير في تنفيذ الإستراتيجية الجديدة.

وأشارت إلى أن الإدارات والهيئات الجديدة المقرر استحداثها ستتعارض مع بعض الهيئات الموجودة بالفعل، وأنه توجد كيانات وإدارات تابعة للوزارة بالفعل تقوم بمهام تشبه المهام التي ستقوم بها الإدارات المراد استحداثها، وبالتالي من المتوقع أن تكون هناك ازدواجية في الوزارة فسيكون في بعض الاختصاصات أكثر من جهة تنفذ نفس الاختصاص، معتبرين أن هذا الأمر يتطلب معالجة سريعة قبل تنفيذ المشروع.

ومن ناحيته، أكد الدكتور عبد الرحمن برعي، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، أن البرلمان سيراقب عن كثب تنفيذ الإستراتيجية الجديدة للتعليم، مشيرًا إلى أن الرؤية المطروحة جيدة؛ لكن الأزمة قد تتمثل في أدوات التنفيذ، وأن تقييم الأفكار يختلف عن تقييم النتائج على أرض الواقع، لافتًا إلى أن الرؤية المطروحة لمشروع التعليم الجديد شغلت الرأي العام كثيرًا، ووصلنا إلى مرحلة التنفيذ، وهي المرحلة التي ستحدد بالفعل إلى أي مدى قد تحقق تلك الإستراتيجية أهدافها.

"نقلا عن العدد الورقي لجريدة فيتو
remove_circleمواضيع مماثلة
لا يوجد حالياً أي تعليق
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى