يبدو أن مسلسل هروب الطلاب من المدارس بلا نهاية، فرغم انتشار الظاهرة بشكل مخيف إلا أن وزارة التربية والتعليم لم تلجأ إلى حلول واقعية لوضع النهاية المناسبة، ورأى قيادات الوزارة خلال الفترة الأخيرة أن قرار الـ10 درجات السلوك والحضور، هو المخرج والحل للقضاء على تلك الظاهرة.

رئيس قسم المناهج بـ"تربية الأزهر": سلوك المعلم داخل المدرسة سبب هروب الطلاب

الدكتور عبد الرحيم سعد الدين، رئيس قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة الأزهر، أرجع أسباب هروب الطلاب إلى سلوك المعلم داخل المدرسة، قائلا: "الطالب لا يجد المناخ المناس له داخل المدرسة، الأمر الذى يدفعه إلى تركها، ولابد من انتشار روح التفاؤل بين الطالب والمعلم داخل الفصل".

وأوضح عبد الرحيم أن المعلم أصبح غير مؤمن على مهنته ومسئوليته داخل المدرسة، وعليه أن يتفانى فى عمله، مضيفًا: "لابد أن تتغير الصورة الذهنية السيئة العالقة فى أذهان الناس عن المعلم ودوره، وعليه أن يتبنى استراتيجية تثير دافع الطالب للمدرسة"، مؤكدا أن المعلم أصبح غير مؤهل تربويا للتعامل مع الطالب، وعلى الوزارة توفير آليات التدريب المستمر لرفع المستوى العلمى له.

رئيس قسم المناهج بـ"تربية الأزهر": الدروس الخصوصية وقلة نسبة التحصيل بالفصول من أسباب هروب الطلاب

وأشار سعد الدين إلى أنه من أبرز الأسباب التى أدت إلى هروب الطلاب وعزوفهم عن المدرسة هى الكثافات المرتفعة، مشيرًا إلى أن الطالب يرى أن المدرسة لا يستفيد منها شىء لأن نسبة التحصيل قليلة، وأن المعلم يسعى دائما إلى اختزال وقته فى الدرس الخصوصى لتحصيل الأموال، قائلا: "هناك مراكز للدروس الخصوصية ومدرسين يحققون أرباح سنوية تصل إلى 2 مليون جنيه".

الدكتور كمال مغيث، أستاذ التربية، قال إن هجر الطلاب المدارس، تخطى مرحلة العزوف، ووصل إلى حد "التمرد" من قِبَل الطلاب، مضيفًا: "الطلاب يقولون بلسان حالهم إحنا مش عايزين نظامكم التعليمى"، مؤكّدًا أن المدرسة فقدت قيمتها وفاعليتها، حيث لجأت الوزارة إلى تهميش الأنشطة.

وتابع "لو نظرنا إلى المدارس الخاصة والدولية يسعى الطالب فيها جاهدًا إلى الذهاب للمدرسة، لكونها وسيلة تعليمية وترفيهية فى نفس الوقت".

وقال الطالب محمد النقيب، إن عدم الاستفادة من المدرسة وراء هجر الطلاب لها، موضحا أن الطالب يلجأ إلى الدرس الخصوصى لأنه يجد فيه ضالته فى التعليم، إضافة إلى ارتفاع الكثافات، مطالبًا بإعادة هيكلة منظومة الإدارة المدرسية وتغيير المناهج، وتحويلها إلى موضوعات تفاعلية تبتعد عن الحفظ والتلقين.

ولفت إلى أن الخطورة الأكبر فى هروب الطلاب من المدارس هى اختزال فلسفة التعليم فى الامتحانات فقط، فالطالب يسعى دائما لتحقيق الهدف المرجو من دراسته، وهو دخول الامتحان والحصول على مجموع درجات يكفى التحاقه بالكلية التى يريدها.

وطالب النقيب بتفعيل حصص الأنشطة المدرسية وتحسين الخدمة المدرسية، والنظر لراتب المعلم، وتوفير مدرسين أكفاء بالنسبة لطلاب الثانوية العامة، حتى لا يلجأ الطالب إلى الدرس الخصوصى.

وبدوره قال محمد عجيز، الطالب بالصف الثالث الثانوى، إن المعلمين الذين يدرسون المناهج فى الدروس الخصوصية لهم طريقة ممتعة جاذبة للطالب فى الوقت الذى تختفى فيه تلك الوسيلة فى المدرسة، مشيرا إلى أن الطالب لديه طاقة يريد تفريغها، ولا يجد ذلك فى المدرسة نظرا لاختفاء الأنشطة فيلجأ إلى الهرب، كما أن العالم الافتراضى للطالب يجد من خلاله صورة أفضل وأسهل للتعامل، بعيدا عن الإجبار داخل الفصل.

الطالب محمد عدوى يقول إن المدرسة لا تحقق لهم المُعَدَّل المرجو لإثرائهم بالمواد العلمية والثقافية، مشيرا إلى أنه حينما يتأمل حصيلة سنوات دراسته يجد أن المدارس ابتعدت تماما عما يعنيهم بحياتهم اليومية، قائلا: "المدرسة لا تعلمك كيف تقيم علاقة أو تعبر عن ذاتك، ولا تعلمنا كيف نحافظ على صحتنا، وأن نتبنى عادات نفسية وعقلية وجسدية لتشعر بالسعادة بالتركيز على الإيجابية فى الحياة". وأوضح أن التشتت الذى تسببه لهم كثرة المعلومات غير المرتبة يحتاج إلى الكثير من ترسيخ الثوابت فى الذات، وترسيخ مفاهيم النجاح والتميز".

وأكد مصدر مسئول بوزارة التربية والتعليم، أن السبب الحقيقى وراء اختفاء الطلاب من المدارس وهروبهم هو غياب المعلمين عن المدارس، واهتمامهم بالدروس الخصوصية، موضحا أن ما لجأت إليه الوزارة من تخصيص 10 درجات للحضور ليس هو الحل الأمثل، خاصة أن هناك طلاب فى الشهادة الإعدادية لا يذهبون إلى المدرسة من الأساس.