مدرس اون لايندخول

أسرار البقاء على الهلالي الشربيني رغم كل المشكلات التي تواجه الوزارة .. و مؤامرة أصحاب المدارس الدولية للإطاحة بة

أسرار البقاء على الهلالي الشربيني رغم كل المشكلات التي تواجه الوزارة .. و مؤامرة أصحاب المدارس الدولية للإطاحة بة 99bf5f11
كانت مفاجأة من العيار الثقيــل بالنسبة للكثيرين بقاء وزير التربية والتعليم الدكتور الهلالي الشربيني في منصبه بعد فضائح التسريب التي شهدتها امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسي في الدورين الأول والثاني، وما زاد من حالة الغضب الشعبي تجاه وزارة التربية والتعليم الأخطاء التي تم الكشف عنها في المناهج الدراسية، ومشكلات صيانات المدارس، وأزمات قطاع الكتب بالوزارة، وملف المعلمين، وقرار إلغاء ندب كل المعلمين الملتحقين بوظائف إدارية.

وسط كل تلك الأزمات كان الرأي العام يتوقع الإطاحة بالدكتور الهلالي من منصبه فور الانتهاء من امتحانات الثانوية العامة وإعلان النتيجة، ولكن ما حدث كان العكس، حيث ظل "الشربيني" على رأس العمل داخل ديوان عام الوزارة، بل إنه اتخذ مجموعة من القرارات التي تمثلت في استبعاد نحو 100 موظف من العاملين في عدد من الإدارات الحيوية داخل ديوان عام الوزارة، ومنهم العاملون بمكتب الوزير، وسبق ذلك الإجراء استبعاد محمود عبد الرازق من منصب مدير عام الامتحانات، وإعادته إلى وظيفته الأصلية بإدارة الزيتون التعليمية، كما أحال "الهلالي" أكثر من 150 قضية فساد إلى النيابة العامة والإدارية تراوحت المخالفات فيها بين مخالفات مالية وإدارية، وتجاوزات في عدد من الإدارات والجهات التابعة للوزارة.

تقارير رقابية
مصادر بوزارة التربية والتعليــم، كشفت العديد من المفاجآت حول أســرار الإبقاء على الهلالي الشربيني، رغم كل المشكلات التي واجهتها الوزارة خلال الشهور الماضية.
وأوضحت المصادر أن هناك تقارير رقابية تم رفعها إلى جهات مهمة حول أداء وزير التربية والتعليم منذ توليه المسئولية في سبتمبر من عام 2015 وحتى الآن، وبحسب المصادر ذاتها، فقد رصدت تلك التقارير مؤامرة كان يدبر لها عدد من أباطرة المدارس الخاصة والدولية لصناعة عدة أزمات داخل الوزارة تمهيدًا للإطاحة بـ"الهلالي" من منصبه باعتباره يقف حجر عثرة ضد مصالحهم، ومن بين هؤلاء أصحاب ومساهمون في مدارس دولية أصرت الوزارة على كشف مخالفات مدارسهم.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل أشارت التقارير إلى القرار الوزاري رقم 482 لسنة 2016، الذي أصدره الدكتور الهلالي الشربينى بهدف وقف قبول طلبات جديدة للترخيص لإنشاء مدارس أو استحداث أقسام بالمدارس الخاصة القائمة، لتدريس المناهج ذات الطبيعة الخاصة "الدولية" بكل أنواعها، وهو القرار الذي اعتبره عدد من أصحاب المدارس الخاصة "ضربة موجعة" لهم؛ لأن معنى وقف قبول طلبات جديدة هو الاكتفاء بالعدد الموجود حاليًا وحرمانهم من فرصة تحويل مدارسهم من مدارس لغات عادية إلى مدارس دولية، خاصة أن التحويل من مدارس خاصة لغات إلى مدارس دولية يعني مضاعفة قيمة المصروفات الدراسية التي تحصلها المدرسة عن كل طالب ضعفين أو أكثر، حيث تتراوح أسعار المدارس الخاصة لغات بين 7 و15 ألف جنيه، في حين تبدأ المصروفات الدراسية في المدارس الدولية من 30 ألفًا وتصل إلى أكثر من 100 ألف جنيه عن كل طالب في بعض المدارس التي تدرس مناهج الدبلومة الأمريكية، ومناهج الـ«I.G».

ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف إلا بوجود مدرستين فقط في مصر حاصلتين على اعتماد من وزارة التعليم الأمريكية لتدريس مناهج الدبلومة الأمريكية في مصر، والمدرستان مخصصتان لأبناء الجالية الأمريكية ولا تقبلان طلابًا من ***يات أخرى، إلا أنه في مصر يوجد أكثر من 100 مدرسة تدرس الدبلومة الأمريكية، وهذه المدارس تعتمد على اتفاقيات موقعة بين أصحاب المدرسة وبعض الجامعات الأمريكية عن طريق وسيط يتولى هو اعتماد شهادة الدبلومة الأمريكية من المركز الثقافي الأمريكي في القاهرة ويتولى التنسيق مع الجهة المانحة للمناهج الدراسية والتي تمنح الطلاب الشهادة أيضًا، ويتم اعتماد هذه الشهادات من وزارة التربية والتعليم في مصر بعد أن يؤدى الطلاب مواد الهوية الوطنية في أثناء امتحانات الشهادة الثانوية، وهي مواد "اللغة العربية والتربية الدينية والتربية الوطنية".

مجموعات المصالح
وقف قبول طلبات ترخيص جديدة لإنشاء مدارس دولية جاء بعد حالة الفوضى التي أصبح عليها هذا النوع من التعليم في مصر، حتى وصل الأمر إلى تزوير شهادات الدبلومة الأمريكية عن طريق عدد من المسئولين في تلك المدارس، حيث اكتشف المجلس الأعلى للجامعات أن هناك نحو 30 طالبًا التحقوا بالجامعات بشهادات دبلومة أمريكية مزيفة في العام الدراسي 2014، وهو ما فتح الباب لإعادة تقييم هذه المدارس ومدى مستوى الخدمة التعليمية التي تقدمها، خاصة أن بعض هذه المدارس كانت تقبل طلابًا بالمخالفة لاشتراطات الالتحاق بالدبلومة الأمريكية، ومخالفات المدارس الدولية لم تقتصر على المدارس التي تدرس مناهج أمريكية، بل شملت أيضا مدارس تدرس مناهج إنجليزية وأخرى تدرس مناهج فرنسية، ووصل الأمر إلى حد أن بعض هذه المدارس كانت ترفض تحية العلم المصري رغم أنها تقدم خدمتها التعليمية لطلاب مصريين وموجودة على أرض مصر.

وفي تصريحات له أشار وزير التعليم إلى أن أصحاب المدارس الدولية كانوا يعتقدون أنهم فوق القانون، وهذا يفسر الهجمة الممنهجة ضد وزارة التربية والتعليم، والتي يقف خلفها عدد من أصحاب المدارس الخاصة والدولية، حيث كشف مصدر بجمعية أصحاب المدارس الخاصة أن هناك تنسيقًا يحدث بين عدد من أصحاب المدارس الدولية والخاصة المتضررين، خاصة من المستثمرين غير المصريين العاملين في مجال التعليم الدولي لتمويل حملة ممنهجة بهدف الإطاحة بالهلالي الشربيني من منصبه باعتباره يقف حجر عثرة في طريقهم.

ولفت المصدر ذاته إلى أن الاتفاق الذي تم شمل التواصل مع عدد من نواب البرلمان الذين يرتبطون بمصالح مع أصحاب المدارس من أجل قيادة حملة تحت قبة البرلمان ضد الوزير وسياساته الفاشلة ـ بحسب تعبير المصدر، الذي أكد أن أصحاب المدارس الخاصة لن يرضخوا لما يسعى الوزير لتنفيذه، ولن يمكنوه من تطبيق القانون بالمعايير التي يرغب فيها، مشيرًا إلى أن الكتاب الدوري الذي أصدره "الشربيني" بشأن مصروفات المدارس الخاصة والدولية لن يتم تنفيذه على أرض الواقع لأن تنفيذه يعني خسارة المدارس ملايين الجنيهات سنويًا، مؤكدًا أن الوزير يرغب في أن تصبح المدارس الدولية مثلها مثل المدارس الأخرى تلتزم بتنفيذ القرارات الوزارية وتلزم بالكتب الدورية وهذه النوعية من المدارس منذ نشأتها وهى تعد جُزرًا منعزلة أو دولة داخل الدولة، ولم يستطع أي وزير سابق أن يخضعها بالصورة التي يسعى "الهلالي" لتنفيذها.

بينما يؤكد محمد سعد، رئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوي والخاص بوزارة التربية والتعليم، أن الوزارة خطت خلال فترة تولي الدكتور "الهلالي" خطوات كبيرة لإصلاح منظومة التعليم الخاص، مؤكدًا أن هناك إصرارًا لمواجهة مخالفات أصحاب المدارس الخاصة مهما كان الثمن، وأنه لا تهاون في التعامل مع أي شكوى أو مخالفة يتم اكتشافها، مثمنًا جرأة وزير التربية والتعليم الحالي في مواجهة كل التحديات من أجل تنفيذ القانون على الجميع دون استثناءات.

إشراف مالي وإداري
أما طارق طلعت، مدير عام التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم، فيؤكد أن حجم المدارس الخاصة والدولية المخالفة قياسًا بأعداد المدارس الخاصة الملتزمة بتنفيذ تعليمات الوزارة عدد قليل، لكنهم من أصحاب الأصوات المرتفعة، لافتًا إلى أنه خلال العام الدراسي الحالي تم إنذار أكثر من 40 مدرسة خاصة ودولية لإزالة مخالفاتها أو وضعها تحت الإشراف المال والإدارى للوزارة، كما تم وضع نحو 7 مدارس تحت الإشراف المالي والإداري بسبب مخالفاتها، وكانت أغلب المخالفات تتعلق بزيادة المصروفات وزيادة مبالغ فيها مخالفة بذلك الزيادات المقررة قانونًا.

وأوضح "طلعت" أن الوزارة حظرت زيادة المصروفات السنوية بالمدارس التي تطبق مناهج ذات طبيعة خاصة "دولية" عدا الزيادة المقررة للطلبة الجدد بمرحلة رياض الأطفال والمقدرة بنسبة 7%، وفي حالة تظلم الممثل القانوني بالمدرسة من المصروفات الدراسية يتقدم بطلب إلى الإدارة العامة للتعليم الخاص والدولي بالوزارة للعرض على لجنة شئون المدارس التي تطبق مناهج دولية للنظر في التظلم، ومن ثم العرض على وزير التربية والتعليم والتعليم الفني.

المتحدث الرسمى باسم وزارة التربية والتعليم، بشير حسن، أكد أن الدكتور الهلالي الشربيني أشبه بمن دخل "عش الدبابير" خلال العام الدراسي الماضي؛ لإصراره على تطبيق القانون على الجميع، وكشف الفساد في كل الجهات والمؤسسات التابعة للوزارة، واصفًا الأمر بأنه "أصعب مما يمكن أن يتخيله أحد"، وأن الوضع يحتاج إلى تكاتف جميع الجهود من أجل عملية تعليمية منضبطة، مشيرًا إلى أن الوزارة تفتح الملفات في كل الجبهات التي يوجد بها شبهة فساد، لافتًا إلى أن عدد قضايا الفساد المحالة للتحقيق متوسطها 100 قضية يتم إحالتها للشئون القانونية بالوزارة كل شهر وهو رقم ضخم جدا، ويكشف حجم المشكلات التي يتم مواجهتها بشكل يومي، وهناك إصرار من الوزير على مواجهة الفساد وشبهات الفساد في كل جهة.

تقارير أمنية
مصدر بوزارة التربية والتعليم، رفض ذكر اسمه، أكد أن التقارير الأمنية التي أعدتها الإدارة المركزية للأمن بالوزارة خلال العام الماضي وتم عرضها على الوزير وإرسال نسخ منها إلى جهات رقابية وجهات عليا بالدولة تؤكد أن هناك محاولات تتم من أجل تفكيك أصحاب المصالح في الديوان العام وفى المديريات التعليمية، لافتًا إلى أن الوزارة تواجه عددًا من التربيطات التي تمثل جماعات لها مصالح خاصة بها، وهي تضغط في سبيل تحقيق مصالحها الخاصة.

وأشار المصدر إلى أن مراكز الدروس الخصوصية واحدة من أكبر جماعات المصالح والتي تمثل "عش دبابير" يحتاج جهودًا ضخمة جدًا لمواجهته والقضاء إليه، وقد فتحت الوزارة في عهد "الهلالي" ملف مراكز الدروس الخصوصية ودخلت فيه بقوة من أجل مواجهة مافيا الدروس الخصوصية، وقد تم إغلاق العديد من مراكز الدروس الخصوصية المخالفة خلال العام الدراسى الحالي، وبعض هذه المراكز لا يقف الأمر بالنسبة لها عند حد العاملين فيها، بل إن معظمها مرتبط بمصالح مع موظفين وقيادات في الإدارات والمديريات التعليمية.

ولفت المصدر إلى أن مسألة الضبطية القضائية التي تم منحها لأعضاء الشئون القانونية وأعضاء إدارة المتابعة بالوزارة، واحدة من أبرز الأمور التي أثارت غضب أباطرة الدروس الخصوصية في مصر، وأوضح أن محاولات الوزارة وإن كانت قد حققت نجاحا طفيفًا للغاية في مواجهة هذا الملف فأنها بدأت تقلق القائمين على تلك المراكز خوفًا من أن تتكاتف أجهزة الدول لمواجهة تلك المراكز.

وأكد المصدر أن الوزارة تسعى من أجل اقناع أولياء الأمور بضرورة أن يقوموا بدورهم في معاونة الدولة للقضاء على مراكز الدروس الخصوصية التي تؤثر في سير العملية التعليمية، مشيرًا إلى أنه يتم حاليًا دغدغة مشاعر أولياء الأمور بأن الدولة توفر لهم بديل الدروس الخصوصية بأسعار مناسبة وفقًا لشرائح تراعي كل طبقات المجتمع، من خلال القرار الوزاري الصادر في عام 2016 بشأن المجموعات المدرسية والذي يتيح للطالب التسجيل في مجموعات مدرسية لأى مدرس في أي مدرسة حتى يكونوا تحت أعين وزارة التربية والتعليم.

وأوضح المصدر ذاته، أن واحدًا من أخطر الملفات التي اقتحمتها وزارة التربية والتعليم خلال العام الدراسي الحالي مافيا التحويلات المدرسية، حيث تمت إحالة أكثر من واقعة للنيابة العامة والإدارية وإحالة أكثر من موظف للشئون القانونية للتحقيق في اتهامات بممارس أعمال السمسرة واستغلال النفوذ والاتجار بملفات القبول والتحويلات بالتنسيق مع مديري المدارس وضعاف النفوس من مديري الإدارات التعليمية، حتى وصلت الأمور إلى أن أصبحت هناك تسعيرة محددة في كل إدارة تعليمية على مستوى المحافظات، وتسعى الوزارة حاليًا إلى مواجهة تلك المافيا والقضاء عليها.
نقلا عن العدد الورقي لجريدة فيتو
remove_circleمواضيع مماثلة
لا يوجد حالياً أي تعليق
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى