التعريف بالشاعر :
العباس بن الأحنف من أشهر شعراء الغزل العذري في العصر العباسي ، أصله من (البصرة) ، نشا ببغداد في نعمة وثراء جعلاه ينصرف عن شعر المديح بعكس ما كان عليه الشعراء في ذلك العصر ، كان مثالا للعربي البغدادي المهذب ، كان شاعرا غزليا ظريفا غزير الفكر ، لم يكن هجّاء ولا مداحا ، اتصل بالخليفة الرشيد والمهدي ، توفى سنة 192 هـ وهو في طريقه لأداء مناسك الحج , وقد شهد له البحتري بأنه أغزل الشعراء .
جو النص :أحب فتاة اسمها (فوز) وقيل سماها بهذا حتى لا يصرح باسمها الحقيقي
س1 : ماذا تعرف عن (فوز) التي يتغزل فيها الشاعر ؟
جـ : يقال أنها فتاة أحبها وعشقها الشاعر لجمالها الساحر وسماها بهذا الاسم (فوز) إخفاء لحقيقتها ؛ حتى لا يصرّح باسمها الحقيقي ، وهناك رأي للباحثة العراقية د.عاتكة الخزرجي يقول : أنها عُلية بنت المهدي أخت هارون الرشيد وكنى عنها العباس باسم (فوز) لمكانتها العالية .
س2 : علل : شدة حب وعشق العباس بن الأحنف لـ (فوز) .
جـ : عشقها الشاعر لجمالها الساحر الذي خلب لبه وفؤاده وجعله يتغزل فيها ويلجأ في وصفها بما لا يصل أو يطوله البشر من سحر وجمال ، وهذا الجمال يجعلها آية للناس ، فهي كالقمر الذي يشع نوراً ، ولم يخلق الله في جمالها مثيلاً فهي ليست من البشر كما عبّر في الأبيات الساحرة الآتية في وصفها قائلاً :
يا مَنْ يُسائلُ عن فوْزٍ وصورَتِها *** إنْ كنتَ لَمْ تَرَها فانظُرْ إلى القَمَرِ
كأنَّما كانَ في الفردَوسِ مسكَنُها *** صارَتْ إلى النّاسِ للآياتِ و العِبَرِ
لَمْ يخلقِ اللهُ في الدّنيا لها شَبهاً *** إنّي لأحْسـَبُها ليسَـتْ مِنَ البَشرِ
النص :
1 - أَزَيْنَ نِسـاءِ العالَمينَ أَجيبي دُعاءَ مَشــوقٍ بِالعِراقِ غَريبِ
2 - كَتَـبتُ كِتابي ما أُقيمُ حُروفَهُ لِشِدَّةِ إِعوالي وَ طولِ نَحــيبي
3 - أَخُطُّ وَأَمحو ما خَطَطتُ بِعَبرَةٍ تَسِحُّ عَلى القِرْطاسِ سَحَّ غُرُوبِ
اللغويات
الكلمة | المعنى | الكلمة | المعنى | الكلمة | المعنى |
أزين | الهمزة لنداء القريب /والزين :كل ما يزين ج أزيان× الشين والقبح | نِساءِ | حريم م امرأة على غير اللفظ | أجيبي | ردي × اسألي |
دعاء | نداء ج أدعية | إعوالي | بكائي وصياحي | كِتابي | رسالتي |
ما أقيم حروفه | ما أنشئ جمله وعبارات و لا أوضحها | مَشوقٍ | مجتذب ومشدود والمراد مشتاق ، متلهف ×متجافٍ | نحيبي | بكائي الشديد ، صياحي × ضحكي |
أَخُطُّ | أكتب | أَمحو | : أزيل × أثبت | عبرة | دمعة ( ج ) عبرات |
تسُحٌّ | تسيل وتنزل بكثرة وتنهمر | القرطاس | الصحيفة ( ج ) القراطيس | غُروبِ | م غَرْب ، وهوالدلو العظيمة من جلد الثور |
1- يا أجمل النساء : لبي دعاء من أهلكه الشوق لك بالعراق (يقصد نفسه) .
2- فقد كتبت لك رسالتي فلم تتضح حروفها (لارتجاف اليد) لشدة البكاء و النحيب .1 |
الجماليات
م | التعبير | الجمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال |
1- | 1- (أَزَينَ نِساءِ العالمين) 2 (نِساءِ العالمين). 3ـ (أَجيبي دُعاءَ مَشوقٍ): 4 - (دُعاءَ مَشوقٍ) : 5 - (أَجيبي - غَريبِ) | : أسلوب إنشائي نداء غرضه : التعظيم والتودد واستخدام الهمزة للقرب واستعارة تصريحية فقد شبه حبيبته بحلية يتزين بها وسر جمالها التوضيح : تعبير يفيد العموم والشمول فهي جميلة الجميلات . : أسلوب إنشائي طلبي / أمر ، غرضه :التودد و الاستعطاف : (دُعاء) يوحي بالتوسل والرجاء الشديد ، و (مَشوقٍ) يوحي بشدة التعلق وهي أجمل من مشتاق لأن الشوق الواقع عليه صادق لا مفتعل ومتكلف ووصف مشوق بغريب لبيان أنه جمع بين آلام الشوق والغربة : تصريع يعطي جرساً موسيقياً محبباً للأذن |
2- | 1- (كَتَبتُ - كِتابي) 2ــ (مَا أُقيمُ حُروفَه). 3 – ( حروفه ) 4 - واستخدام (ما) 5 - (لِشِدَّةِ إِعوالي وَطولِ نَحيبي) 6 - (إِعوالي - نَحيبي) 7 - (البيت الثاني كله) | : مراعاة نظير تثير الذهن : استعارة مكنية ، صور الحروف ببناء يقيمه ، سر جمالها التجسيم . : مجاز مرسل عن الجمل والعبارات علاقته الجزئية . : يفيد استمرار النفي أي نفي استطاعته كتابة الرسالة ؛ لغزارة دموعه ، وشدة حزنه . : كناية عن شدة الحزن والأسى ، وسر جمال الكناية : الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم ، والعبارة تعليل لما قبلها. : إطناب بالترادف ؛ للتأكيد على شدة معاناته في البعد عن الحبيبة . : أسلوبه خبري ، وغرضه : إظهار قوة العاطفة وتمسكه بالحبيبة . |
3- | 1- (أَخُط - أَمحو) 2 - (أَخُط وأَمحو بِعَبرَةٍ تَسُحُّ) 3 - (بِعَبرَةٍ تَسُحُّ عَلى القُرطاسِ سَحَّ غُروبِ) | : محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه ويقويه بالتضاد . : استعارة مكنية ، حيث صور العبرة بممحاة تمحو ما خطه في كتابه (رسالته)وكناية عن شدة الحزن : تشبيه ، حيث شبه (دمعته) وهي تنهمر من عينه بغزارة على (الورق) بالماء الذي يسيل من الغروب ليوحي بكثرة دموع الحزن على الحبيبة البعيدة مكانياً القريبة قلبياً. أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (عَلى القُرطاس) يفيد التأكيد والتخصيص والبيت كله كناية عن شدة الحزن |
الأبيات :
4 - أَيا فَوزُ لَو أَبصَرتِني ما عَرَفـتِني لِطولِ شُجوني بَعدَكُم وَشُحوبي
5 - وَ أَنتِ مِنَ الدُنيا نَصيبي فَإِن أَمُت فَلَيتَكِ مِن حورِ الجِنانِ نَصيبي
6 - سَـأَحفَظُ ما قَد كانَ بَيني وَ بَينَكُم وَأَرعاكُمُ في مَشهَدي وَ مَغيبي
اللغويات :
الكلمة | المعنى | الكلمة | المعنى | الكلمة | المعنى |
فَوزُ | اسم حبيبته | أَبصَرتِني | رأيتني ، شاهدتني | شُجوني | : أحزاني ، همومي × أفراحي م شجن |
حور | البيضاء من النساءم( حوراء ) | نَصيبي | حظي ، قسمتي ، قدري ج أنصبة ، أنصباء ، نُصُب | أَرعاكُمُ | أصونكم ، أحفظكم × أهملكم |
الجِنانِ | النعيم ،الفردوس م الجنة | سَأَحفَظُ | سأصون ، سأحمي × سأضيّع | مَشهَدي | حضوري × َمَغيبي |
شُحوبي | تغيّر لوني ، والمراد : ضعفي × نضارتي ، توردي ، قوتي |
2 |
5- فأنت نصيبي من الدنيا ، وأتمنى أن تكوني زوجة لي في الآخرة .
6- وسأبقى وفيا لك في غيابك كما في حضورك .
م | التعبير | الجمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال |
4- | 1- ( أَيا فَـوزُ ) 2 (لَو أَبصَرتِني ما عَرَفتِني) 3 - (لِطولِ شُجوني بَعدَكُم وَشُحوبي): 4 - والتعبير بـ (بَعدَكُم) 5 – ( شجوني – شحوبي ) | : أسلوب إنشائي نداء ، غرضه : التنبيه والاستعطاف :كناية عن شدة سوء حاله ومعاناته وضعفه في البعد عنها ،وأسلوب شرط فيه تأكيد على شدة معاناته ،(ما عَرَفتِني) نتيجة لما قبله : كناية عن أثر الحب والمعاناة من الفراق و تعليل لجهلها به ،و العطف أفاد تعدد وتنوع أشكال معاناته في بعده عن الحبيبة : إطناب بالاعتراض للتوضيح والاحتراس.وإيجاز بحذف المضاف والتقدير بعد فراقكم : جناس ناقص يعطي نغمة موسيقية ويحرك الذهن . |
5- | 1- (وَأَنتِ مِنَ الدُنيا نَصيبي) 2ــ (فَلَيتَكِ مِن حورِ الجِنانِ نَصيبي) 3 - (نَصيبي .. نَصيبي) | : كناية عن تمسكه وشدة تعلقه بالحبيبة و أسلوب قصر مرة بتقديم الجار والمجرور (مِنَ الدُنيا) على الخبر (نَصيبي) ، ومرة بتعريف الطرفين المبتدأ (أَنتِ) والخبر (نَصيبي) ؛ لتأكيد شدة تمسكه بالحبيبة التي يعشقها . :أسلوب إنشائي تمني يدل على شدة العشق و تشبيه لحبيبته بحور الجنان وجمع بين الدنيا والجنان ليؤكد تمنيه لوصالها في الدنيا والآخرة - وأسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور :التكرار والإضافة إلى ياء المتكلم ؛ للتأكيد على تمسكه وتعلقه بمحبوبته . |
6- | 1- (سَأَحفَظُ ما قَد كانَ بَيني وَبَينَكُم) 3-(وَأَرعاكُمُ في مَشهَدي ...) 4 - ( مشهدي ومغيبي ) 5 - ( سَأَحفَظُ وَأَرعاكُـم ) | : استعارة مكنية ، تصور ما كان بينه وبين الحبيبة بأشياء مادية تحفظ وتصان ، وسر جمال الصورة : التجسيم ، وتوحي الصورة بإخلاصه الشديد للحبيبة واستخدام اسم الموصول (ما) يفيد العموم والشمول وقد للتوكيد . : كناية عن اهتمامه المستمر بها في كل الأوقات وحفظ العهد : بينهما طباق يوضح المعني : إطناب بالترادف - وكاف الخطاب لاستحضار صورتها وكأنها ماثلة أما عينيه |
7- فإن كان الناس (الرقباء) حالوا بيننا ، فإن هواك في قلبي و حبي لك صاف .
8- وأدعو : فليحزن الله هؤلاء الواشين الذين فرقوا بيننا ، و أبكى عيونهم دون توقف .
9- وأني لأسأل الريح التي تجيء من ناحيتك إن كانت تحمل سلامك لي .
10- فأطلب من تلك الريح حمل سلامي إليك ، فإذا أوصلته لك فرديه معها .
11- فالمحبون جميعا يشتكون من الفراق ، فيدعو الله أن يقرب بينهم جميعا .
غرض النص : الغزل العفيف الذي يعتمد على تدفق وصدق العاطفة فيصف أخلاق المرأة وعفتها دون مفاتنها .
عاطفة الشاعر : الحب ومعاناة الفراق .
بيئة النص : ازدهر الغزل بنوعيه في العصر العباسي نظرا للانفتاح على الأمم الأخرى ، والشعر هو وسيلة الشعراء للتعبير عن مشاعرهم تجاه المرأة .
س : ما سبب شيوع الغزل الصريح وانتشاره لدى شعراء العصر العباسي ؟ وما أهم أعلام الغزل الصريح من شعراء ذلك العصر ؟
جـ : سبب شيوع الغزل الصريح وانتشاره لدى شعراء العصر العباسي ؛ لاختلاط العرب بالأمم الأخرى ، وما شاع عندهم من صور التحلل الخلقي .
- وقد برع في هذا اللون أبو نواس ، ومطيع بن إياس ، وكان غزلهما محركاً للغرائز، لا تعفف فيه و لا حياء فيه ؛ لأنه يتحدث عن مفاتن المرأة الحسية .
س : فيمَ اختلف العباس بن الأحنف عن بقية شعراء عصره ؟
جـ : خالف الشعراء في طريقتهم فلم يتكسب ، وعرف عن العباس في أنه كان لا يتكسب بالشعر فهدفه كان المتعة ولا شيء غيرها , كما يقال أنه التزم جانباً واحداً في الشعر فجميع قصائده تدور حول الغزل العفيف عدا قصيدتين أو ثلاث في جوانب أخرى غير الغزل , فالعباس كان لا يهجو ولا يمدح .
الأساليب : التنوع بين الخبر والإنشاء للتشويق .
الموسيقى : أ- الخارجية : التزام الوزن والقافية – التصريع
ب- الداخلية : انتقاء الألفاظ – جودة الصياغة – ترابط وتسلسل الفكر – روعة التصوير .
سمات أسلوب الشاعر : صدق العاطفة – سهولة اللفظ وعذوبته – عمق المعاني ولطفها – الاعتماد على البديع أحيانا – تنوع الأساليب – كثرة التوكيد .
أشاد به المبرّد في كتاب الروضة وفضّله على نظرائه حين قال :
(وكان العباس من الظرفاء , ولم يكن من الخلعاء ، وكان غزلاً ولم يكن فاسقاً ، وكان ظاهر النعمة ملوكي المذهب شديد الترف ، وذلك بيّن في شعره , وكان قصده الغزل وشغله النسيب , وكان حلواً مقبولاً غزلاً غزير الفكر واسع الكلام كثير التصرف في الغزل وحده ولم يكن هجّاء ولا مداحاً).
الجاحظ قال عنه :
العلم والايمان2015-01-29, 10:52 am