مدرس اون لايندخول

فلسفة 2 ثانوي 2015 - فلسفة الأخلاق .. ماهيتها ومذاهبها

فلسفة الأخلاق .. ماهيتها ومذاهبها
أولا : نشأة فلسفة الأخلاق :
إن النشأة الحقيقية الأولى للأخلاق تعود إلى وجود الإنسان وقصة قابيل وهابيل حكماء الشرق القديم الذين اهتدوا منذ الماضى القديم بالتفكير النظرى أو الدينى إلى وجهات نظر فى الضمير والأخلاق وخيرية الأفعال الإنسانية وشرها .أما فلسفة الأخلاق باعتبارها فرعا للدراسات الفلسفية فقد نشأت لأول مرة فى عصر سقراط والسوفسطائيين خلال القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد ثم تتابعت المذاهب الأخلاقية لدى الفلاسفة بعد ذلك منذ فلاطون وأرسطوا أعظم فلاسفة اليونان .
ثانيا : حول الأخلاق وفلسفة الأخلاق :
يمكن أن نحصر الإستخدامات المختلفة لكلمة الأخلاق فى ثلاثة معان رئيسية هى على النحو التالى:
الأول الثانى الثالث
قد تعنى كلمة الأخلاق طريقة أو اسلوبا معينا فى الحياة وقد تعنى مجموعة معينة من قواعد السلوك تربت عليها الأجيال الناشئة. وقد تعنى البحث فى طرق الحياة وقواعد السلوك.
فهو أقرب إلى الأخلاق الدينية التى تسعى جاهدة إلى أن تصبح القيم الأخلاقية أسلوبا فى حياة الناس ، وطرق تعاملهم فيقولون الصدق  ، ويردون الامانة ، ويتعففون عن الصغائر ، ويتعاون بعضهم مع بعض فى ود ومحبة ( فالدين المعاملة ) فهو يشير إلى مجموعة القواعد والنصائح الأخلاقية التى يربى عليها النشئ فى المدارس أو يعمد الآباء إلى غرسها فى أبنائهم فى المنزل. فهو يعنى الأخلاق باعتبارها فرعا من الفلسفة ، ومهمته دراسه هذه الفضائل ( أو الرذائل ) دراسة عقلية خالصة ، وهو فى ذلك يقوم بشرح وتفسير الأسس والمبررات التى تقوم عليها الأخلاق ، ويشير هذا المعنى إلى ( فلسفة الأخلاق )

* معنى ذلك كله أن هناك مستويين من المجال الأخلاقى :
المستوى الأول : هو الآداب العامة ( المعنى الأول للأخلاق ) وما فيها من فضائل ونصح وإرشاد وتربية ( المعنى الثانى للأخلاق ) ، وهذا مانسميه بالآداب العامة ، وما يتبعه من تربية ونصح وإرشاد .
المستوى الثانى : فهو نتيجة البحث الفلسفى ، سعيا وراء معرفة الأسس الأولى ، والمبادئ البعيدة ، التى تقوم عليها هذه الفضائل الأخلاقية ( المعنى الثالث للأخلاق ) وهذا ما يطلق عليه فلسفة الأخلاق التى تسعى إلى نقد وتقييم هذه الفضائل والكشف عن مبادئ السلوك الأخلاقى .
ثالثا : معنى المذهب الأخلاقى :
إن المذهب الأخلاقى يمثل رؤية  الفيلسوف  لجوهر السلوك الأخلاقى الفاضل وكل فيلسوف صاحب مذهب أخلاقى مرتبط برؤيته الفلسفية الخاصة .
رابعا : المذاهب الأخلاقية :
اختلف فلاسفة الأخلاق من قديم الزمان فى تفسيرهم لأساس المذهب الخلقى ، وذهبوا فى ذلك مذاهب شتى ، وسنعرض فيما يلى مجموعة من هذه المذاهب الأخلاقية .
المذاهب الأخلاقية


المذهب العقلى
مذهب المنفعة العامة المذهب الإجتماعى الوضعى مذهب الضمير مذهب الواجب
سقراط – أفلاطون – أرسطوا – الرواقية بنتام ومل كونت ودوركايم وبريل شافتسبرى – بطلر كانط
العقل الإنسانى هو مصدر المذهب الأخلاقى ، فالحياة الفاضلة هى التى تجرى وفق عقل سليم ومن ثم يتحقق الخير. مصدر المذهب الأخلاقى هو الجزاء ، سواء كان النفع أو الألم – فالإنسان يسعى إلى ما يسبب النفع ويبتعد عما يسبب الألم المجتمع هو مصدر المذهب الأخلاقى عن طريق ما يعرف بالعقل الجمعى . المذهب الأخلاقى ينبع من داخل الفرد ، ومصدره الضمير. الواجب هو محور الأخلاق وليس السلطة الخارجية أو المنفعة.
هذا وسوف نقتصر فيما يلى على الملامح العامة لهذه المذاهب :
1- المذهب العقلى لدى فلاسفة اليونان :
- أثار السوفسطائيون المشكلة الأخلاقية فى الفلسفة اليونانية عندما قال أحد زعمائهم ( بروتاجوراس ) إن الإنسان الفرد هو معيار الأشياء جميعا ، فإن قال عن شئ إنه خير فهو خير بالنسبة له ، وإن قال عن شئ إنه شر فهو شر بالنسبة له.
- أقر ( السوفسطائيون ) إذن نسبية الفضائل الأخلاقية ، وأصبح لا يوجد خير مطلق ، أو شر مطلق ، فأى شئ يمكن أن يكون وشرا فى آن واحد حسب ما ينفعنى كفرد.
- وهذه النسبة الأخلاقية كانت دافعا لثورة ( سقراط )  على السوفسطائيين  ) ورفضه لرؤيتهم النفعية حيث أكد على أن العقل هو أساس الأخلاق ، ومعيار التمييز بين الخير والشر.
- ومن هنا رأى ( سقراط ) أن الفضيلة واحدة وإن تعددت أسماؤهم ، فالصدق فضيلة ، والتقوى فضيلة ، فالفضيلة عند سقراط هى إدراك الخير ومن ثم فهى علم ينبع من ضمير الإنسان وعقله وإن كان يظهر فى سلوكه.
- أكد أفلاطون على مذهب سقراط حينما قال إن للخير مثالا واحدا ينبغى عل الإنسان العاقل الواعى إدراكه ، وإذا ادركه غير من سلوكه ، فيصير فاضلا على الدوام.
- الإنسان عند ( أفلاطون ) تتصارع بداخله قوى ثلاث للنفس ، إن تحكم فيها صار متمتعا بالفضيلة على النحو التالى :
القوة فضيلتها
الشهوانية فإن تحكم العقل فى القوة الشهوانية صار متمتعا بفضيلة العفة
الغضبية وإن تحكم العقل فى القوة  الغضبية صار بفضيلة الشجاعة
العاقلة والعقل لكى يمكنه فى هاتين القوتين يكون متمتعا بفضيلة الحكمة
وتحلى الإنسان بهذه الفضائل العقلية الثلاث ( الحكمة ، الشجاعة ، العفة ) يعنى تحلى الإنسان بفضيلة العدالة ، وهى رأس الفضائل الأخلاقية عند افلاطون.
تعقيب على المذهب العقلى :
- لقد استقر الرأى عند أصحاب المذهب العقلى ، على أن العقل هبة الله للإنسان وحده دون سائر  الكائنات ، ومن هنا كان حرص الإنسان على أن يستجيب لإملاء عقله ، ويعزف عن نداء شهواته.
- لكن منهم من أسرف فى تقدير العقل ومكانه من سلوك الإنسان ، وطالب بإماتة الجانب الحسى والعواطف.
- لكن حياة الإنسان لا تستقيم بغير مراعاة مافى طبيعته من دوافع فطرية ، وما تهيأ له من عواطف مكتسبه.
2- مذهب المنفعة فى العصر الحديث :
يرى أصحاب هذا المذهب أن الإنسان بطبيعته وفطرته يلتمس سعادته فى كل ما يقوم به من أفعال.
- فهو أنانى بطبعه وفطرته ، ولذلك ينبغى ان ينشد الإنسان فى كل تصرف يقدم عليه تحقيق لذه أو منفعه أو تفادى ألم ، كانت هذه هى نظرة القدماء من دعاة اللذة ( المنفعة الفردية )
- ثم ذهب المحدثون من أصحاب هذا المذهب ( بنتام ، وجون ستيوارت مل ) إلى توسيع دائرة المنفعة لتعميم تحقيق السعادة للفرد ولأكبر عدد من الناس .
تعقيب على مذهب المنفعة :
إن الإنسان بطبعة وفطرته ينشد منافعه ويلتمش ما يحقق مصالحه ، فما حاجته بعد هذا إلى مذهب أخلاقى يرشده إلى كمالة الإنسانى ، إن الأحرى بالإنسان ألا ينشد السعادة إلا حين تتفق مع الواجب ولا تتنافى مع منطق العقل .
3- المذهب الاجتماعى الوضعى :
- رفضت الفلسفة الوضعية ( كونت ودوركايم وبريل ) النظرة التقليدية فى علم الأخلاق باعتباره علما معياريا يبحث فيما ينبغى أن يكون عليه السلوك الإنسانى بما هو كذلك .
- ورأت الفلسفة الوضعية أن علم الأخلاق هو علم العادات أو الظاهر الخلقية كما هى موجودة بالفعل فى مجتمع معين .
- بهذا أصبح علم الأخلاق فرعا من فروع علم الإجتماع الذى ينزع الوضعيون إلى ادخاله فى نطاق العلوم الطبيعية .
- وبهذا يصبح المجتمع هو المصدر الأعلى للقيم ، والمرجع الأسمى لكل سلطة أخلاقية ، فالإنسان عضو فى وحدة إجتماعية يرث تقاليدها ، ويتلقى تعاليمها ويخضع لمعايير التقويم وقواعد السلوك فيها.
تعقيب على المذهب الإجتماعى الوضعى :
الإلزام الوضعى تعبير عن خضوع الفرد الكامل للمجتمع ، وتبدو مغالاه الوضعيين فى تصوير المجتمع على أنه هو المصدر الوحيد للقيم الأخلاقية عند الفرد ، فى حين أن للفرد نصيبه الملحوظ فى وضع هذه القيم .

4- مذهب الضمير ( بطلر ) :
ذهب فريق من الفلاسفة إلى أن الأخلاق والسلوك الأخلاقى يعود إلى الضمير المقيم فى نفس الإنسان ، فهو الذى يوجب على كل إنسان أن يتصرف بوحيه ، وأن يستجيب لندائه ، ولا يعصى له أمرا .
ولعل هذا الاتجاه فى تفسير الأخلاق والمذهب الخلقى أوسع اتجاهات فلاسفه الأخلاق شيوعا ، فهو صدى ما يتردد فى نفس الرجل العادى الذى لم يفلسف نظرية فى الخير والشر ، ولم يدرس الأخلاق دراسة نظرية مجردة ، وهو اتجاه يلائم عامة المتدينين من الناس من حيث إنهم يسلمون بوجود الضمير وإن كانوا يوحدون فى العادة بينه وبين صوت الله ويعد ( جوزيف بطلر ) ( 1692-1752 ) أكثر فلاسفة مذهب الضمير انتشارا وتأثيرا ونعرض فيما يلى موجزا عن مفهوم الضمير ووظيفته فى فلسفة بطلر .

أ- ما المقصود بالضمير ؟
الضمير قوة فطرية كامنه داخل الإنسان وهى التى تلزمه بضبط نزواته والحد من جموح أهوائه وشهواته ، وتوجهه إلى حيث ينبغى أن يسير والإنسان يتميز عن الحيوان بهذا الضمير .
تأمل : " الرحمة مقابل القسوة "
قد يزجر الطفل فى بعض الأحيان زميلا له ينتزع جناح ضعيف ، أو يعذب قطة صغيرة لا حول لها ولا قوة ، قد لا يعرف الطفل القاعدة الخلقية التى تقول : إن الرحمة خير من القسوة ، لكنه يشعر داخليا بأن من المستهجن أن تعانى الكائنات الحية وتتألم من غير مبرر ويوجب إيلامها.

ب- ما وظائف الضمير ؟
الضمير – كما رأينا – يمثل القوة العليا فى الإنسان ويقوم بوظيفتين فى رأى ( بطلر ) .
وظيفة عقلية نظرية وظيفة أمرة ناهية
- الضمير هنا يمثل مبدأ فكريا موضعه : أفعال الناس ، ونواياهم .
- والضمير حين يحكم على الأفعال فإنه ينظر إليها من زاوية الصواب والخطأ ( الخير و الشر )
- يدين الضمير الفعل الخطأ ، والأذى المتعمد ولا يدين الأفعال الأخرى .
- يميز بين الأذى الذى يحيق بشخص نتيجة عقابه على جرم ارتكبه ، وبين الأذى الذى يقع على شخص برئ . - للضمير جانب آخر هو سلطة أمرة وناهيه.
- يرى ( بطلر ) أننا لا ننظر إلى العبارات التى يقولها الضمير على أنها عبارات استحسان أو استهجان فحسب ، بل هى عبارات ملزمة أو لها قوة الإلزام ، فهى تأمر بعمل الفعل الذى يستحسنه ، وترك الفعل الذى يستهجنه.
- فحين يصف الضمير فعلا بأنه خاطئ ، فإن ذلك يعنى أمرا بأن تتخلى عنه فعله.

تعقيب على مذهب الضمير :
- مع سمو المذهب الخلقى " لبطلر " فلقد واجة بعض الانتقادات لعل اهمها :
• أنه لم يذكر ما هى السمة المشتركة بين الأفعال الخيرة التى تميزها وتضفى عليها الخيرية ؛ بحيث نستطيع ان نستخدمها كمعيار للصواب والخطأ .
• أنه يقول إن الضمير قوة عامة مشتركة بين الناس جميعا . ومع ذلك  فنحن نلاحظ ان الضمير ليس واحدا فى الناس جميعا ، بدليل اختلافهم فيما يصدرون من احكام على الفعل الإنسانى الواحد .

5- مذهب الواجب :
يرى الفيلسوف الألمانى " إمانويل كانط " أن فلسفة الأخلاق تقوم على اساس الإلزام الذاتى الذى يفرضة الإنسان على نفسة ، وهى أخلاق الواجب .
هذا ، ويمكن إيجاز أهم الأفكار الفلسفية فى مذهب " كانط" عن الواجب فيما يلى :

مفهوم الادارة الخيرة الواجب أساس الأخلاق الأخلاق استجابة لأملاء العقل
الإدارة الخيرة هى وحدها التى يمكن تصوها فى هذا العالم . والشئ الوحيد الذى يمكن أن يعد خيرا على الاطلاق ودون أدنى قيد أو شرط. أمر يستند الى أساس من العقل وهذا الاساس العقلى فيه هو ما يجعله مفروضا على الانسان بحكم طبيعتة والمراد بالاساس العقلى هو ان نقيض الفعل يؤدى الى انعدام الفعل نفسة . ان معنى الواجب هو أداء الفعل احتراما للقانون الخلقى الذى هو قاعده عامة وقانون كلى ؛ فالانسان إذا يميز الصواب من الخطا فى السلوك العلمى .
مثال :فإذا قصد أنسان أن يفعل فعلا خيرا ؛ كأنقاذ غريق يوسك على الهلاك  أو إذا حاول طبيب أن ينقذ حياة مريض يعانى سكرات الموت لكن لم ينقذ الغريق ومات المريض أى فشل كل منهما. مثال : لو تصورنا كل انسان يكذب فى كل ما يقول لانتفى بين الناس امكانية التفاهم ؛ ولكان كل سامع سيحكم بالكذب على كل قول يسمعة من قائل ، وإذن فلا حاجة للقائل إلى أى قول يقولة ، كما انه لا حاجة للسامع إلى أى قول يسمعة . مثال : إن اللص يسرق وينجو من العقاب ، وبذلك ينفع فى حياتة الدنيا بما سرق ؛ لكن هذا اللص نفسة لأتيه الصوت من فطرته ليقول له إنه قد اقترف أثما .
تعقيب على مذهب الواجب :
يصدر السلوك الاخلاقى فى مذهب الواجب عن العقل وحده ، والعمل على إماتة دوافعنا وميولنا الفطرية ، وهذا يخالف طبيعة الانسان .
وإجمالاً يمكن القول : إن السلوك الاخلاقى السليم ضرورى لحياة كل إنسان يحترم إنسانيته ، ويتطلع الى التشبه بالمثل الاعلى للخير ، ولكن على قدر ما تسعفة إمكانيات طبيعته البشرية ، وتقتضيه ظروف المحيط الذى يعيش فيه .
remove_circleمواضيع مماثلة
لا يوجد حالياً أي تعليق
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى