مدرس اون لايندخول

«المال السايب يعلم السرقة» .. بيزنس بالملايين في قطاع الكتب لعدد من موظفي وقيادات وزارة التعليم

«المال السايب يعلم السرقة» .. بيزنس بالملايين في قطاع الكتب لعدد من موظفي وقيادات وزارة التعليم 75510
«المال السايب يعلم السرقة».. الوضع في الإدارة المركزية للكتب (قطاع الكتب سابقا) يؤكد صحة هذه المقولة، حيث تحولت عملية طباعة الكتب وما يتبعها أو يسبقها من إجراءات إلى "بيزنس" مربح جدا لعدد محدود من الموظفين والقيادات بالوزارة، ووصلت الأمور إلى حد أن يشتري مدير إحدى الإدارات بالقطاع شقة فاخرة تتجاوز قيمتها مليوني جنيه، رغم أن راتبه ومكافآته على مدى الشهر رسميا دون الخمسة آلاف جنيه، وهذه ليست الواقعة الأولى في القطاع الذي تتردد داخله أقاويل كثيرة عن الإكراميات التى كانت واحدة من أسباب فشل الكتاب المدرسي في مواجهة الكتاب الخارجي، مليار جنيه.. "من جيب التعليم" وفقا للمعلومات المتاحة فإن وزارة التربية والتعليم تنفق سنويا ما يقارب من المليار جنيه على طباعة الكتب المدرسية، وهو مبلغ ضخم جدا قياسا بالميزانية العامة للوزارة، ومع ذلك فإن مستوى جودة الكتاب الذي يتسلمه الطلاب في النهاية يؤكد حجم المأساة في ذلك الملف.

وتشمل طباعة الكتب المدرسية كتب التعليم العام والتعليم الفني فيما عدا الكتب الفنية المخصصة لطلاب في تخصصات أعداد المسجلين فيها لا يتجاوز الألفي طالب، فهذه الكتب تقوم بطباعتها المطبعة التابعة لقطاع الكتب بالوزارة، لأن المطابع الخاصة والقومية ترفض طباعة مثل هذه الكتب، لأن تكلفتها مرتفعة ولا تحقق هامش الربح المطلوب بالنسبة للمطبعة. وتحولت طباعة الكتب إلى مطبعة الوزارة منذ عهد وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور محمود أبو النصر، وكان في السابق يتم طباعتها عن طريق المطابع المتعاقدة مع الوزارة بشكل ودي، حيث كان يتم تحميل كل مطبعة من المطابع الكبرى مجموعة من هذه الكتب لطباعتها بجانب الحزم الطباعية المخصصة لتلك المطابع.

وظل الوضع مستمرا في وجود نظام الممارسة المحدودة الذي تغير منذ عام ٢٠١٢ إلى نظام المناقصة العامة، وهو النظام الذي تم تطبيقه أول مرة في عهد وزير التربية والتعليم في حكومة الإخوان الدكتور إبراهيم غنيم، واستمر وزراء التعليم من بعده في اعتماد نظام المناقصة العامة عن طريق المظاريف المغلقة؛ لكن بعض هذه المناقصات لم تكن بالشفافية المطلوبة بسبب مجاملة بعض أصحاب المطابع عن طريق بعض المسئولين عن هذه المناقصات.

لم تكن وزارة التربية والتعليم تتشدد بالشكل المطلوب في متابعة جودة الكتاب المدرسي في السابق، إلا أنه لم تكن هناك فجاجة بالصورة الموجودة حاليا، فوجود مصلحة الكيمياء كمراجع لجودة الكتاب قبل تسليمه كان ضامنا ولو جزئيا إلى تحقيق الحد الأدنى من الجودة، إلا أن وزارة التربية والتعليم هذا العام تخلصت من هذا الضامن بعد أن ألغت ضرورة موافقة مصلحة الكيمياء على الكتب الموردة من المطابع للوزارة، وجعلت إدارة الجودة بقطاع الكتب هي المنوط بها مراجعة الكتاب وكتابة التقارير حول صلاحيتها من عدمه، وبسبب علاقات موظفي القطاع بأصحاب المطابع أثارت العديد من التساؤلات حول مدى صلاحية هذا الإجراء، ومن يمكنه إثبات مخالفة تلك الكتب إذا استمرت الأوضاع بهذه الصورة؟ إجراء آخر مستغرب اعتمدته الوزارة ممثلة في قطاع الكتب، والمتمثل في استحداث بند جديد في توريد الكتب من المطابع يتيح لأعضاء الفحص والجودة التسامح في نسبة ٥٪ تحت العجز أو الزيادة من وزن الورقة المفترض توريد الكتب وفقا لها، فالكتب المقرر توريدها بوزن ٧٠ جراما للورقة يمكن التسامح فيها إذا تم توريدها بوزن ٦٥ جراما.

وكانت الوزارة تعاني في السابق من عدم التزام المطابع بالوزن المطلوب وتوريد كتب بأوراق تقل كثيرا عن الوزن المطلوب، ومكاتب المراجعين وإدارة الجودة مملوءة بآلاف المحاضر السابقة حول مخالفات المطابع في هذا الجانب، حيث كانت الوزارة تراجع الكتب وتفحصها بعد فحص مطبعة الكيمياء، ولكن مع الإجراء الجديد أصبح الأمر يقتصر على موظفي الوزارة، ونسبة السماح دفعت خبراء الكتب إلى التساؤل حول غرض الوزارة من هذا الإجراء، فإذا كانت هناك تلاعبات حدثت مع عدم التسامح فما بالك بما يمكن أن يحدث من تلاعبات في حالة التسامح، حيث يمكن للمطبعة المتعاقدة على توريد ورق وزن ٧٠ جراما أن تعتمد على ورق من وزن ٦٠ جراما، ومثل هذا الورق يوهم وازنه عند وزن الكميات بأنه زنة ٦٥ جراما وبالتالي تدخل المطبعة في زمرة نسبة السماح فلا يكون عليها مخالفات، رغم أنها وردت ميزانا أقل بعشرة جرامات في كل ورقة.

"كتب العضم والكتب المشفية" بداية المخالفات في ملف طباعة الكتب المدرسية تكون عند مراحل الاتفاق الأولى مع أصحاب المطابع، فيتعارف العاملون في ملف طباعة الكتب المدرسية على أن هناك مطابع تجيد الحصول على الحزم الطباعية التي تحقق لها هامش ربح كبيرا، وهناك مطابع أخرى يوقعها حظها العاثر في طباعة كتب تكلفتها قد تؤدي بالمطبعة إلى تحقيق خسائر بدلا من المكاسب، وفي اللغة الدارجة بين المسئولين عن طباعة الكتب المدرسية تعرف الكتب المربحة بـ"المشفية" وغير المربحة بـ "كتب العضم"، والأخيرة خاصة بكتب التعليم الفني، لأنها في الغالب تكون كميات صغيرة وبها رسوم دقيقة تحتاج من المطبعة جهدا كبيرا واستعدادات ضخمة من أجل الخروج بالكتاب في أحسن صورة، وتختبر مدى علاقات المطبعة بحجم الحزم التي تحصل عليها ونوعيتها، وهل هي حزم "مشفية" أم بعظمها.


مطابع الأميرية والشرطة مطابع الأميرية والشرطة تتحمل العبء الأكبر من طباعة الكتب المدرسية هذا العام، وذلك بعد فوزهما بنصيب الأسد في مناقصة الطباعة، وترددت أنباء داخل الإدارة المركزية لشئون الكتب حول وجود علاقة وثيقة تربط قيادة كبرى بقطاع الكتب بمجلس إدارة المطابع الأميرية، وأنه بالرغم من منصبه الحساس إلا أنه ما زال عضوا في مجلس إدارتها، كما أن نفس القيادة تربطه علاقات وثيقة بمسئولي مطابع الشرطة، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول مدى نزاهة وشفافية مناقصة طباعة الكتب المدرسية التي تمت منذ عدة أشهر، وبموجبها تقوم المطابع بتوريد كميات الكتب حاليا.


ويفسر البعض في ضوء تلك العلاقة الأسباب التي دفعت المطابع الأميرية أن تتقدم لمناقصة طباعة الكتب هذا العام بسعر ٣٠ مليما للورقة، وتتقدم مطبعة الشرطة بسعر ٢٩.٥ مليما للورقة، في حين أن السعر كان العام الماضي ٣٢ مليما للورقة، والأصل أن الأسعار ارتفعت ولم تنخفض، وأن خفض السعر من قبل المطبعتين وراءه العديد من التساؤلات والأسرار المطلوب الكشف عنها. إجراءات عجيبة واتخذت الوزارة هذا العام مجموعة من الإجراءات التي وصفها البعض بالغريبة، ومن الإجراءات العجيبة التي استحدثتها الوزارة هذا العام عند الفحص الفني للمطابع المتقدمة للمناقصة شرط أن تكون ماكينات الطباعة موديل ١٩٨٠ فما فوق ذلك، والواقع -بحسب مصادر في قطاع الكتب- أن أغلب المطابع العاملة في مصر تعتمد على ماكينات موديل ١٩٧٩ فما دون ذلك. ولفتت المصادر إلى أنه قبل الفحص الفني أبلغت المطابع من قبل أحد قيادات القطاع أن تستبدل "بادج" سنة المنشأ على ماكينات المطابع بـ"بادج" سنة منشأ حديثة، بحيث تكتب لجان المعاينة الفنية في تقاريرها أن المطابع تعتمد ماكينات حديثة. الغريب في الأمر هذا العام أيضا، أن تقارير فحص عينات الكتب قبل توريدها لا يسجل فيها عيب الكتب المرفوضة، ويكتفي واضعو التقرير بذكر أن الكتب بها عيب فقط دون توضيح ذلك العيب، وبحسب مصادر في الوزارة فإن الغرض من إخفاء تسجيل العيب في تقارير الجودة هو استخدام تلك التقارير كورقة ضغط على أصحاب المطابع ومن يدفع يمر.


ولفتت المصادر إلى أنه في حال وجود عيوب في الكتاب يتم رفض استلامه وتوقع على المطبعة المخالفة غرامة تحصل لصالح الوزارة، لكن ما يحدث حاليا أن هناك بعض المطابع أوقفت لها كميات من الكتب ولم تقبل بسبب عيوب فيها، وبعد عدة أيام دخلت نفس الكميات إلى مخازن القطاع دون مشكلات ودون تغييرها. وبحسب مصادر في التربية والتعليم فإن الغرامات التي تم توقيعها على المطابع لا تعادل ٥٪ من قيمة الغرامات التي كانت توقع وتحصل الأعوام الماضية، وبحسب المصادر فإن هناك اثنين من قيادات القطاع اشترى كل منهما شقة فاخرة مؤخرا، كما اشترى موظف آخر من العاملين في الفحص سيارة تاكسي لتشغيلها لحسابه، وبنى بيتا في مشروع "ابني بيتك" في أكتوبر. كتب "دشت" كوارث الكتب المدرسية لا تنتهي عند التوريدات ومشكلات الطباعة وعيوبها؛ بل تمتد لتشمل كتب الطبعات القديمة، فالكتب يتم توريدها لمخازن القطاع بزيادة ٥٪ عن الكمية المتعاقد عليها، فالمطبعة المكلفة بتوريد ١٠٠ ألف نسخة يكون لزاما عليها توريد ١٠٥ آلاف نسخة، والنسخ الزيادة هذه يكون مصيرها البيع خارج مخازن الوزارة لطلاب المدارس الخاصة واللغات.


وقد ضبطت لجان المتابعة في الوزارة أكثر من ٣٠ ألف نسخة من كتب اللغات التي تباع خارج المنافذ الرسمية، ولإحكام السيطرة على هذا الأمر أصدر الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم قرارا وزاريا بمنع بيع الكتب في منافذ مخازن قطاع الكتب، وأن يتم توريد الكتب للمديريات وترسلها إلى المدارس بحسب أعداد طلابها، وبعيدا عن بيع الكتب بهذه الطريقة، فإن الكارثة التي تحدث داخل مخازن قطاع الكتب تتمثل في تحويل كميات الكتب المتبقية في المخازن من طبعات الأعوام الماضية إلى كتب "دشت" وبيعها لمصانع الورق لإعادة تدويرها، والعجيب في هذا الأمر أن هناك لجنة لم يتغير أعضاؤها منذ سنوات من الوزارة تقوم بتسلم كميات تلك الكتب وعرضها للبيع.


ووفقا لمصادر قطاع الكتب، فإنه جرت العادة على أن يتم عرض كمية من الكتب باعتبارها الكتب المراد بيعها، وإخفاء الجزء الأكبر من كميات الكتب لبيعها في السوق السوداء، وأشارت المصادر إلى أن آخر كمية خرجت من الكتب الملغاة ٢٥ طنا منذ ما يزيد على شهرين في حين أن الكمية الفعلية لتلك الكتب كانت تقدر بـ ١٠٠ طن أو يزيد، وخرجت تلك الكمية تحت بند ورق "دشت مفروم". وأوضحت المصادر أن مخزن قطاع الكتب بمنطقة فيصل ينقسم إلى جزأين الجزء الأول بجوار سور المدرسة الملاصقة للقطاع ويطلق عليه "هنجر المدرسة" والجزء الثاني خلف مكاتب إدارة الأمن بالقطاع، ويطلق عليه "هنجر الأمن"، وما حدث في بيع كمية كتب اللغات المشار إليها أنه تم تكديس نحو ٢٥ طنا في "هنجر المدرسة" وباقي الكمية في "هنجر مكاتب الأمن" واللجنة اقتصرت معاينتها على الهنجر الأول، وتم البيع بناء على الكمية الأولى التي تم تسجيلها بـ٢٥ طنا، ويباع الطن الواحد في مثل هذه الحالة بنحو ١٧٠٠ جنيه، ولم يقتصر الأمر عند مخزن قطاع الكتب بفيصل بل حدث نفس الشيء في مخزن أكتوبر، حيث كان يضم ٧٠٠ طن كتب ملغاة، وبيعت باعتبارها ١٠٠ طن فقط. ونقلت كميات "الدشت المفروم" من مخزن فيصل مجموعة من سيارات النقل، حصلت "فيتو" على بيانات بعضها، منها السيارة رقم ٤٣٧ ووزنها فارغة ٣.٩٩٠ أطنان، ووزنها القائم وقت الحمولة ٧.٥٣٥ أطنان، وصافي الحمولة التي رفعتها ٣.٥٤٥ أطنان، والسيارة رقم ٤٥٦ ووزنها فارغة ٤.٢٠٠ أطنان، ووزنها قائمة وفوقها الحمولة ٧.٤٣٠ أطنان، وصافي حمولتها ٢.٢٣٠ طن، والسيارة رقم ٥٢٨٤ ووزنها فارغة ٣.٩٠٠ أطنان، ووزنها قائمة ٧.٢٧٥ أطنان وصافي وزن حمولتها ٣.٣٧٥ أطنان، والسيارة رقم ٩٢٣ ووزنها فارغة ٣.٧٤٠ ووزنها قائمة وعليها الحمولة ٧.٢٠٠ أطنان، وصافي حمولتها وزنه ٣.٤٦٠ أطنان، والسيارة رقم ٥٨١٧ ووزنها فارغة ١.٨٥٠ طن، ووزنها القائم وعليها الحمولة ٢٧٧٠ كيلوجراما، وكانت حمولتها عبارة عن زنكات ألومنيوم، ووزن حمولتها الصافي ٩٢٠ كيلوجراما، والسيارة رقم ٧٩١٨، ووزنها الفارغ ١.٧٥٠ طن، ووزنها القائم ٢.٣١٥ طن، وصافي حمولتها ٧١٦ كيلوجراما، والسيارة رقم ٧١٦ ووزنها الفارغ ٣.٧٥٠ أطنان ووزنها القائم وعليها الحمولة ٧.٠٨٥ أطنان، وصافي وزن حمولتها ٣.١٣٥ أطنان، وقد تم وزن تلك الحمولات في ميزان منطقة المطاحن بفيصل، وتم وزن وتسجيل تلك الحمولات باعتبارها ورق دشت.

قصاقيص ورق "قصاصات" الورق ملف آخر لا يقل خطورة عن ملف الكتب المدرسية في مخازن قطاع الكتب بالوزارة الأبرز، فالمعلومات المتوفرة تؤكد أن ما يحدث في بيع وتهريب قصاصات وفضلات الورق المتبقي من مطبعتي الوزارة أمر لا يمكن السكوت عنه، والسر في هذا كله "المتعهد" وهو الشخص الذي تتعهد إليه الوزارة برفع تلك القصاصات، وهناك حرب مشتعلة بين المتعهدين حول من يسيطر على تلك "السبوبة" بحسب وصف أحد العاملين بقطاع الكتب، حيث يباع طن الورق من القصاصات بشكل رسمي بنحو ١٧٥٠ جنيها. الغريب في أمر قصاصات الورق بمخازن قطاع الكتب أن المتعهد المسئول عن شراء تلك القصاصات حاليا، هو ذاته المسئول عن رفع قمامة ومخلفات القطاع، وبحسب مصادر بالقطاع فإن حمولات كثيرة جدا، وكميات ضخمة من قصاصات الورق خرجت من القطاع على أنها مخلفات أو نفايات، وليست ورق دشت أو قصاصات، منذ عدة سنوات ومتعهد رفع قصاصات الورق لم يتبدل ويقوم بمهامه وفق تعاقد مبرم مع الوزارة يجدد بشكل دوري، ويعمل معه شقيقه في نفس المهنة، والشقيقان لهما علاقات وطيدة بمسئولي المطابع، ومسئولي المخازن، كما أن لهما علاقات بعدد من قيادات الإدارة المركزية للأمن بديوان عام الوزارة، ويستغلون هذه العلاقات في تيسير مصلحتهم، ويتم وزن تلك القصاصات في ميزان منطقة المطاحن بفيصل.


وبحسب مصادر بالقطاع فإن السيارة التي ترفع حولة ٥ أطنان يتم تسجيلها ٢.٥ طن فقط، وما يحدث في قطاع الكتب بفيصل يحدث أيضا في مطبعة الوزارة بشبرا، ويتم تجميع تلك القصاصات ورفعها من مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا.

نقلا عن العدد الورقي.... لجريدة فيتو
remove_circleمواضيع مماثلة
لا يوجد حالياً أي تعليق
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى