مدرس اون لايندخول

سؤال لوزير التعليم: لماذا تقدموا وتأخرنا يا سيادة الوزير؟

سؤال لوزير التعليم: لماذا تقدموا وتأخرنا يا سيادة الوزير؟ %25D9%2587%25D9%25802
كل أمة تريد التقدم والنهوض فلا بد لها أن تأخذ بأسباب ذلك، وإن لم تفعل فلا تقدم ولا نهوض، ومن أهم أسس هذا التقدم التعليم الذي انهار عندنا، وصارت بيوتنا مدارس مصغرة، ناهيك عن ذهاب أولادنا وإيابهم من وإلى المراكز التعليمية.

إن التكدُّس وزيادة كثافة الطلاب في فصول المدارس الحكومية أهم عائق أمام تطوير العملية التعليمية، فليت سيادة الوزير ينظر لهذا الأمر بعين الاعتبار، وكذلك كارثة الدروس الخصوصية التي عمت بها البلوى، وتحولت منازلنا لمدارس مُصغَّرة، وصار المدرسون يطرقون أبواب البيوت من الصباح حتى في أيام الراحات، فلم يعد الأب يتحمل مسئولية دفع الأموال فقط بل صار يضحي بيوم راحته من أجل إعطاء درس لابنه أو ابنته، كل هذا ومسئولونا يغردون خارج السرب ويصدعون أدمغتنا بأمور لا علاقة لها بتطوير التعليم.
والغريب أنك عندما تفتح الباب لابنك القادم من المدرسة تجده سرعان ما يندفع داخل الشقة لماذا؟ لأنه يودُّ دخول دورة المياه؛ وهذا إن دلَّ فإنما يدل على أنه لا توجد دورة مياه آدمية في المدرسة، وإن وجدت فحدِّث ولا حرج عن نظافتها، وسعادة المدير يغلق حمامه الخاص بقفل خاص، ولا عزاء لبراعمنا الصغار!!
لقد ذهبت ذات مرة لزيارة إحدى المدارس الدولية، فما لفت نظري فيها هو نظافتها واعتناؤها بالتلاميذ في كل شيء، نظافةً وتغذيةً ولياقةً بدنيةً ووسائل مواصلات مريحة جدًّا ووسائل تعليم على أعلى مستوى ولا توجد بها كتب مدرسية بل هناك "تابلت" لكل تلميذ، إننا بحاجة إذا كنا جادين حقًّا في بناء أمتنا أن نطور منظومة التعليم عندنا، فعلت ذلك ماليزيا واليابان وستغافورة وشتى دول أوروبا فتقدمت كل هاتيك الدول وها نحن نراوح مكاننا ونعيب غيرنا، فهلا عدنا إلى الحق وتخلينا عن عيوبنا؟؟!!
ولنا أن ننظر إلى مكانة المعلم عندنا بمصر التي انهارت وتراجعت؛ ومن ثم انهار مستوى التعليم، وللأسف نهضت بهذه المكانة دول أخرى فتقدمت، فما الفرق بيننا وبينها إذن؟
لو نظرنا إلى ألمانيا مثلاً لنعرف مدى اهتمامها بالمعلم ومكانته، نجد أن لكل نوع من أنواع المدارس في ألمانيا معلمين مؤهلين تأهيلاً خاصًّا ومختلفًا، ويشترطون على جميع المدرسين أن يكونوا من حملة الشهادات الجامعية، فمن يريد أن يصبح معلمًا في المدرسة الابتدائية يدرس في الجامعة سبعة فصول دراسية (ثلاث سنوات ونصف)، أما مدرسو المدارس المتوسطة، ومدارس الأغراض الخاصة، والمدارس الثانوية العامة، والمدارس المهنية، فيجب أن يدرسوا في الجامعة مدة أطول (ثمانية أو تسعة فصول دراسية)، ونلاحظ أن رواتب المعلمين في ألمانيا أعلى من رواتب القضاة والأطباء والمهندسين الألمان!! لماذا؟ لأن الرواتب العالية تجعل المهنة مرغوبة؛ فيتجه لها الطلاب المتفوقون والمتميزون؛ وبالتالي ينشأ جيل من المعلمين العباقرة والمبدعين والمتفوقين، وهذا بالتالي يؤدي إلى نقل تميزهم وتفوقهم إلى تلاميذهم فيتم بناء جيل متحمس للعلم والعمل معًا قادر على ابتعاث نهضة بلاده.
وقد تظاهر القضاة في ألمانيا مطالبين بمساواة رواتبهم بمعلمي الابتدائي؛ فردت عليهم المستشارة الألمانية ميركيل قائلة: "تأدبوا، كيف تطالبونني أن أساويكم بمن علموكم؟!!"  هكذا يكون البناء ويكون التقدم بفهم مكانة المعلم صانع النهضة الأساسي ومرسِّخ القيم والمبادئ؛ ولذلك نجد أن الألمان عندما ينتهي أولادهم من الثانوية العامة ويحصلون على أعلى الدرجات يدخلونهم كليات التربية، ولا يتهافتون على ما يُسمى كليات القمة كالطب والهندسة والإعلام كما نفعل نحن بمصر!!.
وإذا أردنا أن نعرِف سر تقدّم اليابانيين، فلنـلقي نظرة على تعليمهم، ومدى احترامهم للمعلّم، فقد سُئل الإمبراطور الياباني، ذات مرة، حول هذه المسألة، فقال: "إن دولتنا تقدّمت، في هذا الوقت القصير؛ لأننا بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلّمنا من أخطائهم، وأعطينا المعلّم حصانة الدبلوماسي، وراتب الوزير"، وكذلك في دولة سنغافورة نجدها تــكـرّس جزءًا كبيرًا من مواردها، للارتقاء بالتعليم، فهي تدرك أنه لا تقدُّم بدون تعليم متقدِّم، ومن ثم وضعت مهنة التعليم، ضمن المهن ذات الصيت العالي، وتم منح المعلم مسئولية بناء جيل جديد، وتحديد مسار مستقبل الوطن.
وفي النهاية أتوجه بسؤالي لوزير التعليم: لماذا تقدموا وتأخرنا يا سيادة الوزير؟
remove_circleمواضيع مماثلة
لا يوجد حالياً أي تعليق
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى