مدرس اون لايندخول

شرح نص - من تجارب الحياة لزهير بن ابي سلمى - 2 ثانوى 2015

شرح نص - من تجارب الحياة لزهير بن ابي سلمى - 2 ثانوى 2015
من تجارب الحياة    لزهير بن ابي سلمى
الشاعر : زُهَير بن أبي سُلمَى    - 13 ق. هـ /  609 م
زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني، من مُضَر. حكيم الشعراء في الجاهلية وفي أئمة الأدب من يفضّله على شعراء العرب كافة.
قال ابن الأعرابي: كان لزهير من الشعر ما لم يكن لغيره: كان أبوه شاعراً، وخاله شاعراً، وأخته سلمى شاعرة، وابناه كعب وبجير شاعرين، وأخته الخنساء شاعرة.
ولد في بلاد مُزَينة بنواحي المدينة وكان يقيم في الحاجر (من ديار نجد)، واستمر بنوه فيه بعد الإسلام.
قيل: كان ينظم القصيدة في شهر وينقحها ويهذبها في سنة فكانت قصائده تسمّى (الحوليات)، أشهر شعره معلقته التي مطلعها:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم .   ويقال : إن أبياته في آخرها تشبه كلام الأنبياء.
المناسبة :
كان زهير بن أبي سلمى المزني نازلاً في بني مرة من ذبيان، وقد نشبت حرب ضروس بين ذبيان وعبس عرفت بحرب داحس والغبراء اصطلى زهير بنارها هو وغيره من بني ذبيان وقد استمرت تلك الحرب عشرات من السنين، وقد مالت عبس في نهاية تلك الحرب إلى السلم ووافق ذلك رغبة من بني مرة الذبيانيين، فسعى رجلان فاضلان في الصلح بين عبس وذبيان، والرجلان هما هرم بن سنان والحارث بن عوف، فجمعا الديات التي بلغت ثلاثة آلاف بعير، فأعجب زهير بهذين الرجلين ومدحهما بقصيدة طويلة هي معلقته، وقد ختمها بهذه الحكم التي أوردناها والتي يحث معظمها على الصلح.
النص :
سَئِمتُ تَكاليـــــــــــفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش       ثَمانينَ حَولاً لا أَبــــــا لَكَ يَسـأَمِ
وَأَعلَمُ عِلمَ اليَـــــــــومِ وَالأَمـــسِ قَبــلَهُ       وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَمـي
وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ        يَفِرهُ وَمَـــــن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتـَمِ
وَمَـــــن يَـــكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضــــلِهِ      عَلى قَومِهِ يُستَغـــــنَ عَنهُ وَيُذمـَمِ
وَمَـــــن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلقَــــــــــها        وَلَو رامَ أَسبابَ السَماءِ بِسُلــــــَّمِ
وَمــــنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ فِــــي غَيـــــْرِ       أَهْلِـهِ يَكُـــنْ حَمْدُهُ ذَماً عَلَيْهِ وَيَندَمِ
وَمَـــــن يَغتَرِب يَحسِــــب عَدُوّاً صَديقَهُ        وَمَــــــــن لا يُكَرِّم نَفسَهُ لا يُكَرَّمِ
وَمَهمـــــا تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِـــــن خَليقَةٍ        وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ
شرح الأبيات:
(1) المفردات: سئمت الشيء : مللته ، التكاليف : المشاق والشدائد  جمع تكلفة ، لا أبا لك : يراد بها التنبيه والإعلام .
الشرح : يتحدث الشاعر عن تجربته في الحياة قائلا :مللت مشاق الحياة وشدائدها ، ومن عاش ثمانين سنة ملَّ الكبر لا محالة..
2 ) يقول : وقد يحيط علمي بما مضى وما حضر ولكني عمي القلب عن الإحاطة بما هو منتظر و متوقع .
3 ) يقول : ومن جعل معروفه ذابا ذم الرجال عن عرضه وجعل إحسانه واقيا عرضه - وفر مكارمه ، ومن لا يتق شتم الناس إياه شتم : يريد أن من بذل معروفه صان عرضه ، ومن بخل بمعروفه عرض عرضه للذم والشتم ، وفرت الشيء أفره وفرا : أكثرته ؛ ووفرته فوفر وفورا .
4 ) يقول : من كان ذا فضل ومال فبخل به استغني عنه وذم ، فأظهر التضعيف على لغة أهل الحجاز ، لأن لغتهم إظهار التضعيف في محل الجزم والبناء على الوقف .
5 ) يقول : من خاف وهاب أسباب المنايا نالته ولم يجد عليه خوفه وهيبته إياها نفعا ولو رام الصعود إلى السماء فرارا منها .
6 ) يقول : ومن وضع أياديه في غير من استحقها ، أي من أحسن إلى من لم يكن أهلا للإحسان إليه والامتنان عليه ، ذمه الذي أحسن اليه ولم يحمده وندم المحسن الواضع إحسانه في غير موضعه .
7 ) يقول : من سافر واغترب حسب الأعداء أصدقاء لأنه لم يجريهم فتوقفه التجارب على ضمائر صدورهم ، ومن لم يكرم نفسه بتجنب الدنايا لم يكرمه الناس .
8 ) يقول : ومهما كان للإنسان من خلق فظن انه يخفى على الناس علم ولم يخف ، والخلق والخليقة واحد ، والجمع الأخلاق والخلائق . وتحرير المعنى : أن الاخلاق لا تخفى والتخلق لا يبقى .
9 ) نصف الإنسان قلبه ونصفه الأخر لسانه دلالة على أهمية القلب هذا كقول الرسول: المرء بأصغريه لسانه وقلبه.

الصورة الفنية: صور اللسان والقلب بصورة جسم الإنسان. .
التعليق
*من الخصائص الأسلوبية التي تتوافر في النص:
أ- صدق العاطفة      ب- متانة التراكيب    - وضوح الأفكار والمعاني           - كثرة الحكم
س )   يرى بعض النقاد أن القصيدة الجاهلية تفتقر إلى الوحدة الموضوعية لتعدد أغراضها وموضوعاتها ، ويرى آخرون عكس ذلك . أناقش هذه القضية على ضوء النص.
ج ) تعد القصيدة العربية الجاهلية بتقاليدها الفنية الموروثة الصورة الفنية المكتملة التي أخذت على أيدي الشعراء الجاهلين شكلها التقليدي الثابت واكتملت لها مقوماتها وعناصرها الفنية حيث تبدأ عادة بالوقوف على الأطلال والتغزل بالمحبوبة ويخرج منها الشاعر إلى وصف الرحلة ،ثم ينتقل لغرضه الرئيس المدح ويختمها الشاعر بأبيات من الحكمة ، ومع تعدد الموضوعات إلا أن هناك خيط رفيع يشدها من أولها إلى أخرها في وحدة موضوعية تلتئم بها أجزاؤها لتمثل صورة متكاملة متناغمة لعناصر مختلفة.
إنّ زهيراً صاحب "أمدح بيت... وأصدق بيت... وأبين بيت".
فالأمدح قوله:
تراهُ إذا ما جئْتَه مُتَهَلِّلا كأنَّك تُعطيه الذي أنتَ سائلُهْ
والأصدق قوله:
ومهما تكنْ عند امرئٍ من خليقةٍ وإنْ خَالَها تَخْفي على الناس تُعْلَمِ
وأما ما هو أبين فقوله يرسم حدود الحق:
فإنّ الحقّ مقطعُه ثلاثٌ يمينٌ أو نفارُ أو جلاءُ

3- دراسة الأفكـار:
أفكار زهير بن أبى سلمي فيها حكمة هي خلاصة تجاربه ونظرته للحياة والناس، وهي أفكار سائدة في المجتمع فهو لم يأت بجديد، وإنما الذي فعله هو لفت النظر إليها. والشاعر ماهر في استخلاص ما يهم الناس من تجاربهم الكثيرة ولذلك جاءت أفكاره مطابقة للواقع، فهي حقائق ثابتة مسلم بها. فهو يرى أن الإنسان يمل من الحياة عندما يبلغ ثمانين سنة، وذلك تعبير عن الضجر الذي يحس به الشيخ الكبير، والإنسان يعلم ما في اليوم والأمس ولا يعلم ما في المستقبل.
ومداراة الناس ضرورة لابد منها، والخوف من المنية لا يدفعها، وجعل المعروف في غير أهله يعود على صاحبه بالضرر، وطبيعة الإنسان يعلمها الناس لا محالة.
فزهير صادق فيما قال، والدليل على صدقه أن هذه الحكم جربها الناس فعرفوها وهو واحد منهم، مر عليه وضع المعروف في غير أهله، وجرب مداراة الناس ورأى أنها أصلح من مصادمتهم ومعارضتهم فصدق الشاعر فيما قال تشهد له الوقائع.
وهدف زهير من طرح هذه الحكم الرقي بالمجتمع الذي يعيش فيه، فهو يريد أن يفهم مجتمعه الواقع على حقيقته ليتجنب الضرر قبل أن يقع فيه، فزهير يحب لقومه أن يتركوا بعض العادات السائدة من التطاول ومعارضة الحق والسير في طريق الباطل،
وقد كان لزهير ما أراد فقد أثرت حكمه في ذلك المجتمع وأصبحت دروساً تعظ الناس وتبعدهم عن الشر وتقربهم للخير.
وعندما ننظر في الأبيات التي تجمع هذه الحكم لا نجد بينها رابطاً، فيمكن أن نقدم ونؤخر في الأبيات بسهولة فلا يتأثر المعنى العام، ولكن الشيء الذي يجمع هذه الحكم هو المُثُل العُلْيا السائدة في القبائل العربية في العصر الجاهلي. وحكم زهير هذه تتميز بوضوحها فهي أفكار واضحة لا لبس فيها ولا غموض وليست قابلة للتأويل.
وهذه الأفكار هي عصارة الفكر الجاهلي جمعها زهير في هذه القصيدة.
4- الأسـلوب:
الألفاظ هي اللبنات التي تكون الأسلوب، فإذا أحسن الشاعر اختيار الألفاظ فإن أسلوبه سيبنى على أساس متين، وزهير هو شاعر الصنعة في العصر الجاهلي يعرف كيف ينتقي ألفاظه، فقد اختار ألفاظاً سائرة بين الناس ومفهومة، وترفع عن الألفاظ المبتذلة. كما أنه تجنب الألفاظ التي لا يفهمها الكثير من الناس
أما التراكيب؛ فقد سبك الشاعر ألفاظه في تراكيب محكمة وتلك التراكيب ربط بعضها في بعض؛ بحيث كونت أبياتاً لا نرى فيها خللاً ولا فجوات وهذا هو السبب الذي جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "كان زهير لا يعاظل في كلامه".
أي إنه يصْنَعُ تراكيبه بطريقة تفرض احترام شعره على القارئ، فتراكيب زهير ليس فيها تعقيد ولا إدخال تركيب ليس له حاجة، ولا نجد تركيباً مبتذلاً أو يشتمل على خطأ نحوي، وإنما نجدها تراكيب تشملها أصالة الشاعر.
وأسلوب الشاعر تتوافر فيه اللباقة، فهو يتوخى سلوك الطريق السهل، ومن الطرق التي سلكها في أسلوبه طريق التشويق فقد اعتمد على الشرط في كثير من أبياته فجعل القارئ ينتظر الجواب دائماً.
وآخر ما نقوله في أسلوب زهير إنه أسلوب انتقيت ألفاظه وأحكمت تراكيبه، وسلم من الحشو والغرابة، والإسفاف، فهو من الأساليب المصنوعة البعيدة عن الارتجال والتسرع، وإذا تذكرنا عمل زهير في قصائده وأنه يبقيها عنده سنة كاملة يستبدل كلمة بأخرى أو تركيباً بآخر ظهر لنا أن جودة أسلوبه لم تحصل له بسهولة وإنما هي ناتجة عن صنعة زهير المشهورة.
remove_circleمواضيع مماثلة
avatar
العلم والايمان
Mr.Riad
Mr.Riad
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى